موقع زواج | موقع تعارف

أرشيف المدونة

موقع تعارف للزواج | موقع تعارف

المتابعون

موقع زواج | موقع تعارف
Zawaj - muslim matrimonial
موقع زواج | موقع تعارف

الحلقة الاخيرة من عمر وسارة





الحلقة الأخيرة


ان الله لايضيع أجر من أحسن عملا


استيقظت من نومى وأنا أعانى من الام متفرقة فى كل جسدى تقريبا لم أنم طوال الليل ..ظللت أتقلب ولم أستطع النوم الا لدقائق معدودة كما هو حالى من عدة أيام وأبكى فى كل حركة من ثقل جسدى حتى انى كل يوم اتمنى ان ألد فى نفس اليوم لأتخلص من هذا العذاب ...


.سبحان الله وكأن التعب يزداد فى الأيام الأخيرة كى تتغلب الأم على خوفها من الولادة وتتمناها أن تحدث .......آه أكاد أموت من الرعب عندما أتخيل هذه الساعات وأقرأ دوما سورة الزلزلة وبعض آيات الرعد وفاطر التى تساعد على تيسير الولادة كما قالوا لى ....

ولا ترحمنى أى واحدة من قريباتى عندما أخبرها بخوفى من الولادة بل تقص على قصص مرعبة عن أنها كادت تموت والأخرى التى تمزقت من الألم لساعات طويلة .....والثالثة التى كادت تقتل الطبيب والممرضات .....ايه يا جماعة الرعب ده ؟ طيب أعمل ايه يعنى أفضل حامل على طول ولا أعمل ايه ؟.......... ايه ده عمر بيصرخ كده ليه ؟



- سارة سارة سارة .........تعالى بسرعة !!



- هرولت اليه ولكن بسرعة السلحفاة طبعا وانا اهتف : مالك يا عمر خير ؟



- أنا مش مصدق نفسى يا سارة بجد مش مصدق .......



- ايه يا عمر فيه أيه أنا ولدت وأنا مش واخدة بالى ؟



- فأجاب وقلبه يكاد يتوقف من الفرحة : لا فاكرة الشركة اللى صممت لها المشروع ؟ ولم يختاروه ؟



- فرددت بتململ وأنا أخشى من فتح هذا الموضوع : مالها ؟ عاوزين ايه ؟



- اتصلوا بى وقالوا ان فيه مقابلة النهاردة الساعة 6 مساء لأصحاب التصميمات المتميزة اللى ما فازتش لأختيار مهندسين للتعيين فى الشركة بمرتب كبير .....



- فنسيت تعبى وارهاقى وهتفت : بجد ؟ الحمد لله ...ودى فيها مميزات أحسن من شركتك ؟



- انتى بتهرجى مفيش مقارنة طبعا دى ضعف الراتب وأكثر... وكمان بالدولار والأهم من كده ان نظام الترقية فيها زى كل الشركات متعددة الجنسيات بالمجهود مش بالأقدمية زى عندنا..... يعنى ممكن فى خلال شهور أكون مدير تنفيذى مثلا ...بجد مش مصدق نفسى ... أدعى لى يا وش الخير ....




- ربنا يكرمك ويوفقك .....ان الله لايضيع أجر من أحسن عملا .......ان شاء الله حيختاروك ده رزق يحيى مش وشى أنا ...يالا قوم صلى ركعتين قضاء حاجة لله قبل ما تروح واتكل على الله ......ربنا وكيلك ومش ح يضيعك أبدا .......



وانصرف ليصلى ويستعد للخروج وأنا أدعو الله له ..... وفجأة شعرت بضربة ألم حادة تشمل جسدى كله وتتركز فى منطقة الرحم وكاد توازنى أن يختل من شدة الألم المفاجىء واستمر دقائق مرت على كساعات ثم اختفى تدريجيا وأنا لا أكاد أستطيع التنفس من شدة الألم حتى بعد ذهابه ....

وحاولت تناسيه بأن ذهبت لأصلى خلف عمرجماعة كى ندعو الله سويا أن يكرمنا ويكتب لنا الخير ...وأطال عمر الدعاء بعد الركوع وأنا أؤمن على دعاؤه بكل ذرة فى كيانى .... ثم سجدنا .......وجاء الألم العاصف مرة أخرى وأنا ساجدة .........ياالله جسدى يتمزق ولا أقوى حتى على رفع رأسى وكتمت صرخة ألم كادت تفلت منى ودعوت الله وأنا أبكى وأشعر أنى ضئيلة ولا أقوى على شىء أمام جند صغير من جنود الجبار ألا وهو الألم .......




ولا أعرف كيف نطقت التشهد الأخيرولكن الألم بدأ فى الاختفاء عند نهاية الصلاة .......واستدار عمر الى وفزع من شحوب وجهى الرهيب والعرق المتناثر على وجهى وسألنى بجزع : مالك يا حبيبتى ؟ انتى تعبانة؟ بتولدى ولا ايه ؟



- ولم أشأ أن أخبره كى لا يضيع فرصة عمره ويبقى بجوارى : لا يا عمر ده السجود بس بيتعبنى اوى .......بعد كده ح أصلى وأنا قاعدة .....يالا قوم استعد واتكل على الله



- أرجوكى ياسارة لو تعبانة قولى وأنا أسيب مواعيد الدنيا علشانك


- فحاولت الابتسام وانا أرد عليه: يالا بلاش دلع لسه اسبوع كامل على ميعاد الولادة انا كويسة خالص وحأدخل أنام كمان .......



فصدقنى وانصرف وأنا أدعو له ....... وما كاد يغلق الباب وراءه حتى عاد الوحش ثانية و انهمرت دموعى وكدت أتخلى عن شجاعتى المؤقتة وأناديه كى لا يتركنى وحيدة وهذا الألم يفتت كل ذرة فى جسدى ..........وكتمت أنفاسى فى وسادة وصرخت بكل قوتى من شدة الألم .......

وانتظرت حتى اختفى وكلمت أمى وأنا أبكى وقبل أن أشرح لها أى شىء فهمت أنى ألد وأخبرتنى أنها ستأتى على الفور مع أبى وطلبت منى أن أبدل ملابسى وأحضر حقيبة المولود وأستعد للذهاب الى المستشفى أول ما يصلون .......



وجريت قبل أن يأتى الاعصار مرة أخرى وبدلت ملابسى وكنت جهزت حقيبة يحيى من قبل ولم أنس الآيس كاب واللوشن !!.........آه لا أستطيع حتى الابتسام ...أين أنت يا عمر كى أحتمى بك من الزلزال الذى يأتينى بلا رحمة ....




- اين انتى يا سارة ...ياليتك كنتى معى ......دقائق الانتظار قاتلة والجميع يبدو على وجوههم علامات القلق الشديد ولكن العدد ليس كبير ....يارب يارب يارب




وأخيييييرا وصلوا ماما وبابا وأنا تكاد روحى تخرج من حلقى من شدة الألم الذى يزداد عنفا كل مرة وتتقارب نوباته حتى تكاد تلتحم .........وما ان رآنى أبى فى هذه الحالة حتى أجهش فى البكاء وضمنى اليه وكأنه يهدهد طفلته الصغيرة التى ستصبح أما ........أما ماما فكانت متماسكة جدا وكأنها تحولت فجأة الى طبيبة نساء وهى تسألنى عن مدة الألم وتباعد نوباته وعندما أخبرتها .....قالت لى بهدوء ( لسه بدرى ....أقعدوا وأنا أعمل لكم شاى .....أصل البكرية بتطول شوية !!!)


فكدت أصرخ ولكن بابا سبقنى وصرخ فيها هو ( يالا على المستشفى بسرعة يمكن يدوها مسكن ولا يريحوها بأى شكل !! )

فردت أمى بسخرية ( مسكن ؟! ليه حتعمل اللوز ؟....أصل الولادة دى .....)



ولم يمهلها أبى عندما رأى نوبة الألم تجيئنى بلا رحمة حتى لم أستطع الوقوف على قدمى فحملنى كالطفلة الصغيرة وهرع خارج المنزل وأمى لا تكاد تلاحقه ...



- يارب ما هذا الاحساس ؟ الله يكون فى عونك يا سارة .......أنا أشعروكأن مستقبلى كله سيولد من هذا المكان كما ستلد هى ابننا ....آه ما أصعبه من شعور.....يالله يا مغيث .....



- يا الله يا مغيث ...يارب أغثنى من هذا العذاب .....علمت الآن لم تمنت السيدة مريم الموت قبلا عندما جاءتها آلام الولادة وهى خير نساء العالمين ......ماذا سأفعل أنا ؟ الا يوجد سبيل أن يخفت الألم قليلا ؟ قلبى يكاد يتوقف .......



- قلبى يكاد يتوقف من القلق عند كل سؤال يسأله لى المدير الأجنبى وأتمتم بآيات القرآن وكل الأدعية التى أعرفها .....يارب يارب




- يارب يارب .....أنا خلاص مش عاوزة أولد رجعت فى كلامى ....لأ حرام حأموت بجد مش قادرة ........طيب ح أولد أمتى ؟ ولا مجيب ....الدكتورة فحصتنى وقالت باقى حوالى ساعتين ........ايه ؟ ساعتين كاملتين فى هذا العذاب ؟ .......الدقيقة تسوى دهر كامل ....يارب مش قادرة خلاص .....




- يااااه مش قادر خلاص على هذا الانتظار المدمر للأعصاب ........المدير يتفحص السيرة الذاتية الخاصة بى بدقة بعد عشرات الأسئلة الدقيقة .....ثم ابتسم أخيرا وأخبرنى أن أكون مستعدا للعمل معهم الأسبوع المقبل ....يالله يكاد نبضى يتوقف من شدة الفرح .....اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك ....وطلبت سارة لأبشرها وأشركها سعادتى .........

فردت على والدتها وأخبرتنى بأن سارة بتولد فى المستشفى !! ياالله يعنى كانت تعبانة فعلا قبل ماأنزل وما رضيتش تقول لى علشان ما أضيعش مقابلة العمل !! وتحملت كل هذا العذاب وحدها من أجلى ؟ يارب كيف أكافىء هذا الملاك ؟



يااااااااااااااااه أخيرا وصلت المستشفى بعد ما كسرت عشر اشارات واتخانقت مع كل الدنيا علشان يفتحوا لى الطريق وأكاد أصرخ فى وسط الشارع : مراتى بتولد يااااااااااااعالم !!




ووصلت لها لأجدها تحولت الى كتلة ألم .....والعرق الغزير يغطى جبينها و المحاليل تخترق كل جسدها وأبيها يبكى ويتلو القرآن وأمها تروح وتذهب مع الطبيبة وتأتى لها بأغراضها ....فلم أتمالك نفسى لما رأيتها وقبلت يديها أمام الجميع وبكينا سويا .....وهمست فى أذنها بأنى عينت فى الشركة الجديدة فحمدت الله فى وهن .....

وجاءت الطبيبة تخبرنا أنها ستنقلها الى غرفة العمليات فاستأذنتها أن أكون معها ....فرفضت فى البداية ولما أصرت سارة وبكت وافقت .....



ودخلت معها وهى تصرخ من الألم العاصف وأنا أشد على يديها وأهمس فى أذنها بكلمات الصبر والتشجيع وأذكرها بكل لحظاتنا الجميلة التى تشاركناها .......وهى لا تكاد تعى ما أقول ولكنها تقبض على يدى بكل قوة وكأنها تخشى أن أتركها ثانية .. وتمر الدقائق طويلة وأنا وهى نكاد نصبح كيانا واحدا صهره الألم بين يدى الرحمن نسأله أن يرزقنا قطعة منا ....



ويمر الوقت ثقيلا حتى جاءت البشرى ... صوت بكاء ابننا يشق الكون وكأنه يعلن للعالم وجوده ....أخذته الطبيبة ولفته بعناية ووضعته فى أحضان سارة وأحضانى وأخذنا نتفحصه بحنان بالغ وقد زال كل ألم سارة عندما رأته .......اخذنا نتلمسه غير مصدقين أن رحمة الله وعطاءه تتجسد فى هذا الكائن مغمض العينين جميل الوجة كأنه أحد الملائكة ....وحملته بحرص وتلوت كلمات الآذان والقرآن فى أذنيه حتى استكان بين يدى وكأنه يعى نداء خالقه ....



وأخذته سارة وسالت دموعها وهى تتلمس قطعة منها نما بجوار قلبها وقالت بصوت واهن ولكن سعيد : حلو أوى مش كده ياعمر ؟



فرد الأب بداخلى لأول مرة : تبارك الله أحسن الخالقين .......أجمل كائن رأته عينى ..... ربنا يخليكوا لى انتى وهو يا أم يحيى يا أغلى انسانة لى فى الوجود


الحلقة الاخيرة


الحلقة الحادية والعشرون من عمر وسارة







فرد عمر بصوت واهن لا يكاد يسمع: نتيجة المشروع ظهرت

ففهمت كل شيء بدون أن يكمل وفهمت أنهم لم يختاروا مشروعه فسقط قلبي في قدمي ومادت بي الدنيا........ولكنى تماسكت ولم أنفجر فى البكاء كما كنت أتمنى ....وأجتهدت أن أخرج صوتى طبيعى وأنا أكمل اجابته : وما اختاروش مشروعك مش كده ؟ طيب وفيها أيه ؟ ماهو الاحتمال ده كنا متوقعينه برضه ؟ أيه المشكلة ؟


-- فرد على عمر وكأنه كهل عجوز يحمل الدنيا فوق كتفيه : ايه المشكلة ؟ ايه البساطة دى ؟ المشكلة أننا خسرنا كل حاجة .....انتى خسرتى كل ذهبك وانا خسرت ثقتى فى نفسى وشكلى أمام الكل وخسرتك معايا كل حاجة ........


فرددت بمرح : الكل مين يا بنى ؟ أنا بس اللى عارفة الموضوع ده ....وبعدين تفتكر شكلك ح يتهز قدامى من محاولة خسرتها ؟! ده انت الدنيا ومافيها يا حبيبى وفداك دهب العلم كله .......

- فلم يستطع النظر الى عينى وأشاح وجهه عنى كى لا أرى دموع عينيه : أرجوكى يا سارة انتى بتزودى احساسى بالذنب بكلامك ده .......أنا خذلتك وضيعت كل حاجة ........وربنا يقدرنى وأعوضك ..أنا آسف آسف آسف ........


- فأخذت أقرأ آيات القرآن على جبينه كى يهدأ .....وأنا أطلب من الله القوة والعون كى لا أنهار مثله .....من يقول على المرأة أنها أضعف من الرجل ؟! انها مطلوب منها أن تكون زوجته وحبيبته وأخته وصديقته وأمه أيضا .....فهدانى الله لفكرة ممكن أن تهدئه قليلا فقلت له :

- ياريت كل الخسارة تكون فى الفلوس ....تخيل لو أنك حصل لك حاجة حنعمل ايه أنا وابنك فى الدنيا ؟ ربنا يخليك لنا ألف سنة ....أنت لسه بكامل صحتك وفى عز شبابك وتستطيع فعل المعجزات تخيل لو فقدت هذه الصحة وكسبت المشروع ؟ أيهم سيسعدك أكثر ؟

فهدأ قليلا لكلامى ولكنه رد بألم : وقال لى أنا آسف ياسارة ....ولكنك لا تعرفين أحساس الرجل عندما يشعر أنه صغير فى عين من يحب .....كان نفسى أفرحك والله

- فرددت بمكروبحزن مفتعل : طيب يا عمر أنا ما كنتش عاوزة أقول لك بس خلاص بقى ..الحقيقة الدكتور قال لى أن البيبى ممكن تكون فيه تشوهات .........


- فنسى كل شىء وصرخ بلهفة : ايه بتقولى ايه ؟؟ لا اله الا الله !

- فضحكت لنجاح خطتى وقلت له : ضحكت عليك الولد كويس وزى العفريت ومطلع عينى يا سيدى .....شفت بقى ان المشروع ممكن يتعوض وفيه حاجات تانية لا يمكن تتعوض ؟


- فرد بايمان : الحمد لله .......فعلا الشيطان ينسينا النعم الكثيرة التى ننعم بها ويذكرنا فقط بما فقدنا ....ربنا يخليكى لى انتى ويحيى .....


- فرددت باستغراب : مين يحيى ده يا باشا ؟

رد عمر مبتسما - ايه رأيك فى الاسم ده ؟ ده الاسم الوحيد من كل اسماء الكون اللى ربنا عز وجل أختاره بنفسه لنبيه زكريا ( لم نجعل له من قبل سميا ) وبقية الأسماء من اختيار البشر .....وبعدين قصة سيدنا يحيى تكشف شخصية نورانية تعشقيها من كثرة صفائها .....لدرجة أن كل المخلوفات كانت تسبح معه عندما يسبح الله ...وكمان مات شهيدا ..ايه رأيك يا حبيبتى ؟


- خلاص موافقة يا أبو يحيى


الحلقة العشرين من عمر وسارة







قــالت ســارة  
: هل مفروض الأم تكون وجدت كنز سليمان قبل أن تشتري لوازم المولود؟.. ما هذا الغلاء الفاحش؟.. معقول ببرونة من ماركة معينة تتجاوز ثمنها 50 جنيه ؟ وأقل بطانية بـ 70 جنيه ؟
وأنا كنت فاكرة الجمعية اللي عملتها من مرتبي.. وطبعا قبضتها الأول.. ستكفي وتفيض
لا وأنا كنت متخيلة أن الأشياء التي أشتريتها طوال الحمل للبيبي هي الأساس وباقي أشياء لا تذكر
ولكن أتضح اني كنت أشتري تبع اعلانات التليفزيون.. شاور علشان حمام البيبي.. لوشن مرطب لبشرته الرقيقة.. أيس كاب لشعره
والحمد لله أني اشتريت كام فانلة وسالوبيتين علشان الواحد يقول الحق
كنت أظن اني أشتريت أغلب الأشياء حتى كلمتني أمي في التليفون وسألتني عما اشتريته للمولود فرديت بمنتهي الثقة: خلاص ياماما.. كله تمام فاضل حاجات بسيطة أوي ردت ماما وقالت: ربنا يقومك بالسلامة يا حبيبتي.. طيب اشتريتي 12 فانلة نص كم و12 بكم ؟
فرددت باستغراب: ليه يا ماما ؟ أنا جبت 3 كت بس

فردت بجزع: تلاتة؟.. ده طول النهار حيغير هدومه.. وكمان كت؟.. يا مفترية في البرد ده ؟ طيب
جبتي الشايات ؟

فصرخت: مين يا فندم ؟ يعني ايه الكلمة دي ؟ بتوع ايه؟.. أنا لو أعرف أقول على طول يابيه ؟

فردت بتأفف: دول بيتلبسوا تحت الهدوم علشان يدفوا صدره يا ستي.. طيب جبتي البافتات؟ وقبل ما تسألي دول علشان لو رجع بعد الرضاعة ولا حاجة ؟

وأحسست بدوار شديد وخوف من التوبيخ الذي سأسمعه حالا فألقيت باجابتي وبعدت السماعة عن أذني كي لا أسمع: لا أن شاء الله مش ح يرجع ياماما.. وبعدين ممكن أستعمل كلينكس ولا حاجة

صرخت ماما في وجهي قائلة: .............!!!؟
(محذوف للرقابة)
فخفت على أمي من الذبحة المتوقعة التي ستصيبها من ردودي.. فقلت لها: ياماما هو أنا عندي عشر عيال ح أعرف الكلام الغريب ده منين؟.. قولي لي أشتري ايه وأنا أكتبه وأجيبه يالا قولي
فأخذت أمي ترص قائمة طويلة عريضة بها ألف طلب وطلب وكأني سألد حضانة وليس طفلا واحدا.. وأنا أكاد أبكي من كل هذه الكوارث
ياترى لو بعت أوضة السفرة سيكفي ثمنها ؟

والغريب أنها لم تذكر اللوشن المرطب ولا الآيس كاب اللذين اشتريتهم بالفعل
حاولت أن أنهي المكالمة بانتصار على أمي أنها نسيت شيئا هاما جدا وقلت بمنتهي الثقة والفخر: نسيتي ياماما أهم حاجة أنا بقي ما نسيتهمش واشتريتهم فعلا.. اللوشن والآيس كاب
فبدأت أعراض الذبحة تظهر عليها وقالت لي بصوت واهن: اقفلي يا سارة السكة قبل ما أقفل في وشك أنا


*********
استيقظتُ من نوم متقطع بعد العصر بقليل وخرجت لأكمل ختمة القرآن التي بدأتها كي لا تفاجئني الولادة قبل أن أنهيها.. لأجد منظر غريب طار له قلبي
وجدت عمر نائما على كنبة الصالة بكامل ملابسه حتى بالحذاء؟ ويخفي وجهه بين يديه باحكام.. والظلام يحيط به من كل جانب فأضأت الأنوار وتلمست جبينه لأجده غارقا في عرقه وليس نائما كما ظننت ولكنه شارد النظرات لا يريد أن ينظر الى.. فجذبت وجهه الى وصرخت في جزع: عمر انت تعبان ؟ مالك فيه ايه ؟ أنت كويس؟


عمـر: .........!!!؟

أنا: ياعمر رد على أرجوك فيه ايه أنا أول مرة أشوفك كده فيه أيه ؟

فرد بصوت واهن لا يكاد يسمع: نتيجة المشروع ظهرت


الحلقة التاسعة عشر من عمر وسارة







ربنا معاك يا عمر


قــالت ســارة :
أخيرا استلمت عملى الجديد .....بعد طول الحاح من عمر على مديره وبعد ان وافق المدير مقابل تخفيض جزء من الراتب لأنى لن أحضروسأعمل من البيت ..... لكن مش مهم ....عندما أحسب تكاليف المواصلات والشاى والقهوة الخ الخ التى كنت أصرفها فى عملى القديم أجد انى انا الكسبانة .......ولكن العمل ليس سهلا كما كنت أتخيل فهو يتطلب يقظة دائمة ولباقة كبيرة فى طريقة الكتابة والتعامل مع العملاء ....


وكنت أظن انى سأستيقظ كما يحلو لى وأعمل وقت ما أريد ...ولكنى أيميلى الذى صنعته خصيصا للعمل مفتوح دائما على ايميل مدير المشروع ليرسل لى الأوامر كل لحظة .....وكان فى البداية يكتب لى فى كلمات مختصرة ماذا أفعل ( أرسلى فاكس العمرانية ولا تنسى كذا وذكريهم بكذا وموعد كذا ) وبعد مرور شهر واحد فقط أصبح يخاطبنى بالكلمات فقط ( فاكس العمرانية ) ثم ينهى المحادثة !! خايفة بعد مرور شهر كمان يرسل لى رموز ( ظ ) يعنى عملاء السلام !! و (ق ) يعنى عملاء المريخ !!


لكنى سعيدة جدا بهذا العمل وقادرة على القيام بأعمال منزلى فى نفس الوقت فأكون بأسلق اللحمة وأنا بابعت الفاكسات وبأقشر البطاطس وأنا بأرسل بالعروض للعملاء !! وكمان خفف قليلا من ضغط المصروفات علينا .......وخصوصا أن عمر حالته النفسية والمزاجية صعبة جدا بسبب المشروع الذى يصممه !!

*********

قــال عمــر :
(أنا اللى جبت ده كله لنفسى !!) تدور هذه العبارة دائما فى بالى وأنا أعمل فى التصميم الخاص بالمسابقة ...لماذا أدخلت نفسى فى هذه المشكلة ؟ ماذا لو لم ينجح التصميم ؟ أكون ضيعت ذهب سارة وتحويشة العمربلا جدوى ؟

هذه الفكرة عندما أصل لها أكاد أصاب بالجنون وتجعلنى فى غاية العصبية والمسكينة سارة تقابل كل نوبات غضبى وعصبيتى الرهيبة بالهدوء والاحتمال ولا تكاد تمل من التشجيع ولا يتوقف أملها أبدا ......آه لو أرى الدنيا بنظرتها الطفولية المتفائلة سأفعل المستحيل ....ولكن علمى بظروف التعاملات التجارية تجعلنى أشك فى انهم سيختارونى أنا وسيأخذون أحد الأسماء اللامعة مسبقا .......


عندما أصل لهذه النقطة أكاد أبكى مثل الأطفال وأترك كل العمل وأنزوى وحدى .....ولكن ملاكى الحارس تأتينى لتمسح عنى كل الاكتئاب واليأس وتبث فى روح جديدة خلاقة تجعلنى أعمل من جديد ...علمت الآن لماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عجز الرجال !! وكنت أتعجب من علاقتها ببقية الدعاء ...ان هذا العجز أصعب من كل شىء ....يارب لا تخذلنى ولا تكلنى الى نفسى طرفة عين .....أنت وكيلى يارب وأعلم انك لن تضيعنى ......


*********

قــالت ســارة :
(أنا اللى جبت ده كله لنفسى !!) أتذكر هذه العبارة كلما هم عمر بالقاء كوب شاى فى وجهى اذا دخلت عليه وهو يعمل ! أو وصوته يهدر كالرعد عندما يجد الملح ناقص فى الطعام بعض الشىء !!
فأغلى من داخلى ولكنى لا استطيع أن أظهر غضبى منه بل بالعكس أهدئه وأضحك معه بأن المرة القادمة ينبهنى قبل أن تنفجر القنابل فى صوته كى أغلق الشبابيك أولا !! فيهدأ ويعتذر عن توتره الرهيب ....ولكنى أخشى عليه من كل هذا ..... وأعلم ان الرجال لا يستطيعون التركيز فى أكثر من شىء عكس النساء .......ولكنى أحيانا أستسلم لليأس أنا الأخرى ولكنى لا أشعره به أبدا بل أشعره انه أفضل مهندس فى العالم وتصميمه ح يكسر الدنيا ......


والمشكلة انى أحمل كل هذا الجبل من المسئولية وحدى فلم نخبر أى من الأسرتين بهذا الموضوع كى لا يضغطون على أعصاب عمر ويتهمونه بتبديد مدخراتى !! وحتى أمى لاحظت انى لا أرتدى سوى دبلة زواجى فسألتنى عدة مرات عن ذهبى فكنت أرد بمزاح ( هو لسه فيه حد ياماما بيلبس دهب ؟! ده بقى مش ستايل خالص !!) وكانت تبتلع اجاباتى مضطرة وتنظر لى نظرة ذات مغزى وكأنها تعلم كل شىء ........يارب كن معنا نحن ضعاف وانت قوتنا ...نحن خائفون وانت ملاذنا ........نحن صغار وانت وكيلنا .......
-
-

*********
-
قــال عمــر :

:- سارة .. سارة... سارة الحقى يا سارة تعالى بسرعة !!


:- قمت من مكانى منتفضة على صوت عمر المدوى والذى يرقص من الفرح وأنا أتساءل : خير خير ....فيه ايه يا حبيبى؟

- كلمت سكرتير الشركة الجديدة لأطمئن على الأحوال فبشرنى انهم نظرا لضخامة المشروع سيأخذون أفضل ثلاثة تصاميم وليس تصميم واحد !!

فرقصت من الفرحة وانا أصرخ : بجد ؟!! الحمد لله .....الحمد لله كده فرصتك بقت كبيرة أوى ياعمر ....يالا شد حيلك وبلاش كسل

فقال بصوت ينفجر حماسة : أيوة فعلا مفيش وقت خلاص .....والله ياسارة مش عارف من غيرك كنت ح أكمل ازاى .....لو كنت لوحدى كان زمانى يئست وسبت الموضوع كله .....ربنا يخليكى لى .....انتى استحملتينى كتير اوى


فرددت بفخر : بس خليك فاكرها !! يابنى انت مستهين بناس ربنا وكيلهم ؟ ازاى يعنى ؟ وبعدين انت بجد عبقرى وبكرة تقول سارة قالت ........


- فهمس لى بنظرة ذات معنى : بجد ؟ يعنى انتى شايفة كده ؟

- ففهمت ماذا يقصد وقلت له بلهجة آمرة : يالا يا سيدى مفيش وقت للدلع عاوزاك تشتغل زى النار ...يالا انت لسه قاعد ؟ ايه الرجالة اللى ما بتسمعش الكلام دى ؟ ولا عاوزنى أزعق لك قدام ابنك ؟
- فوضع يدى على بطنى المنتفخة وكأنه يشرك ابننا فى الحديث معه : والله انتوا الاتنين وش الخير على وانا حأعمل المستحيل علشان أسعدكم ...
وتركنى وانصرف لعمله وتلمست بطنى كأنى ألمس صغيرى وأعتذر له أنى أنشغلت عنه....وأخذت أناجيه وأحكى له عن كل ما يشغلنى و كل ماأشعر به تجاهه كما أفعل دائما وكيف لا وهو يشاركنى نبضى ؟ ....ترى يا صغيرى ماذا سيكتب لنا الله ؟ هل سنحقق نجاحا كأسرة ونحقق احلامنا ؟ أم.....................؟

*********

قــالت ســارة :
دخلت فى شهرى التاسع أصعب شهور الحمل على الاطلاق وأخبرنا الطبيب أنى حامل فى ذكر ........ انتفخ جسدى وتورمت قدماى وأصبحت أسير بصعوبة من ثقل الجنين .......سبحان الله هل لابد من كل هذا العذاب كى تشعر الأم بغلو أبنها ؟

أعتقد هذا هو السبب أتخيل لولم يكن هناك حمل وتعب رهيب وتذهبت الأم الى المستشفى وبعملية بسيطة مثل اللوز مثلا تستيقظ لتجد ابنها بجوارها أكيد لن يعجبها وستصرخ فى الطبيب ( ايه ده ؟ ماله أسمر كده ؟ لا شوف لى واحد مقلم !! ) لكن عندما ينمو بجوار قلبها يوما بعد يوم ويشاركها الأنفاس والطعام والنبض والنوم وكل شىء.....أكيد لو خيروها بينه وبين عيونها لاختارته .....


ويارب صبرنى على هذا الجهد فلا أكاد آكل أى شىء الا وشعرت بنار داخل جوفى تحتاج المطافى من ضغط البيبى على المعدة..... ولا أستطيع النوم على ظهرى الا وشعرت بأنفاسى تكاد تختنق من ضغطه على الرئتين .......ولا أستطيع المشى الا وأشعر ان قدماى المنتفختان تئن من ضغط الباشا عليهما !! طيب أروح فين يارب من هذا الاحتلال لكل جسدى ؟ ولكنه أجمل احتلال ......

*********
قــال عمــر :

أووووووووووف أخيرا سلمت المشروع والنتيجة بعد أيام .....أشعر مثل طلاب الثانوية العامة الذين ينتظرون نتيجة الفيزياء !! يارب يعدى الأيام دى على خير . أنا متفائل أن لجنة التحكيم من الأجانب الذين لا مصالح ولا مجاملات لهم فى هذا البلد .........فقط الجودة والاتقان هما اللذان سيحددان النتيجة ........ياااااه لو اختاروا مشروعى أنا سأفعل المعجزات .... سأتصدق بمال كثير و أعمل صدقة جارية لينا لكنا .....وسأعوض سارة كل ذهبها الذى باعته وأكثر كمان وسأشترى لها هدية رائعة على صبرها معى .......وبعد الولادة سآخذها هى والبيبى فى رحلة فى جنوب سيناء لأعوضها الضغط الذى عاشته معى ونعيش شهر عسل جديد ....وسأشترى هدايا لأبى وأمى ...طيب وشركتى القديمة هل سأستقيل منها أم آخذ أجازة فقط حتى تستقر الأمور ؟ يااااه معقول كل حياتى تتغير بهذا الشكل ؟ يارب كن معى ولا تخذلنى أمام أهلى وأمام نفسى يارب يارب


الحلقة الثامنة عشر من عمر وسارة






قــالت ســارة
:

بدت صالة منزلنا المتواضع مثل ساحة القتال.. ولكنه قتال من نوع خاص هذه المرة
بدأ بنظرات نارية من حماتي لي.. وأعقبها مصمصة للشفتين مدعمة بأسلحة دمار شامل من كلمات موجهة لي تحرق الدم.. لأن عمر صالحني ولم يستمع اليها.. وعلى الجانب الآخر من الجبهة كانت أمي تحمل الراية وتوجه مدافعها الرشاشة الى عمر هذه المرة لأنه تجرأ وأغضب القطة الوديعة مغمضة العينين اللي هي أنا
وكدت أبكي في لحظات كثيرة.. وكاد عمر ينفعل في أوقات أكثر ولكننا أخذنا عهد على أنفسنا قبل أن نعزم الأسرتين على العشاء.. أننا نبتغي رضا الله من رضاهم وسنستحمل أي كلمة أو غضب من أحد الطرفين حتى نمتص شحنة الانفعال التي تسكن الصدور وتعود الأمور الى طبيعتها الأولى
وكنت عندما أرى الأمور ستشتعل بين ماما وحماتي أبادر عن الحديث عن البيبي وكيف أن الحمل متعب جدا وأني أنام كثيرا جدا ولا أطيق الأكل.. ولكن للأسف كان هذا يأتي بنتيجة عكسية بالطبع مع حماتي لأني: باتدلع على ابنها.. فيغمزني عمر عندما ينقلب وجه أمه من كلامي وكأنه يقول لي: جيتي تكحليها عميتيها


*********

قــال عمــر


ياااااااساتر.. أخيرا عدّت السهرة على خير.. دي ولا مفاوضات اسرائيل
بس كنا يعني حنعمل ايه؟ حنسيبهم زعلانين مننا ؟ المهم انهم نزلوا هاديين وأحسن من الأول.. بعد ما فرغوا كل شحنة النكد والعتاب عليّا أنا وسارة.. بس الحمد لله انهم كده راضيين عننا علشان ربنا يرضى عننا.. وأحلى حاجة عجبتني موقف الرجال.. والدي وحمايا.. من الحدوتة.. أخذوا ركن وقعدوا يلعبوا طاولة وكل واحد ساب مراته تفرغ قنابلها علينا حتى ترتاح
واضح ان القنابل دي كانت بتنزل على دماغهم هم فحبوا يرتاحوا شوية



*********


قــالت ســارة


ياااااااااااه ده انا نمت كتير اوي.. السهرة امبارح امتصت كل طاقتي في الاحتمال.. همّ نزلوا من هنا ونمت فورا بدون مقدمات.. واضح ان عمر نزل الشغل من غير ما يصحيني وتخلى عن فطاره المتين !! موضوع الحمل ده جه على حساب عمر وهو كمان حنين جدا وخايف على اني أتعب نفسي في اي حاجة وانا طبعا ما صدقت
سايقة الدلع على الآخر بأستغل الفرصة لآخر نقطة.. أف دي ريحتها مش حلوة شيلها بسرعة.. لا مش قادرة أطبخ النهاردة هات أكل معاك.. سوق بالراحة علشان البيبي.. مزاجي مش رايق عاوزة أخرج حالاً.. نفسي في أم الخلول دلوقتي
والغريبة انه مش متضايق ومحسسني اني ح أخلف صلاح الدين الأيوبي ولاّ قطز.. وعاطفته ناحيتي أصبحت أعمق وأهدأ.. بيتكلم عني وكأني لست فرد واحد بل عائلته كلها
اللهم اجمعنا سويا على حبك ولا تفرقنا أبدا


*********


قــال عمــر


من ساعة ما سارة سابت الشغل والمصاريف بقت نار ولسه المدير لم يعطي رأي نهائي في موضوع وظيفة الرد على العملاء من خلال الانترنت ولسه متخوف من الفكرة.. يارب يوافق علشان يحل أزمتنا دي يارب
وخلاص تعبت من فكرة الاقتراض من والدي.. أمتى بقى أقدر أعتمد على نفسي وما أحتاجش لحد تاني؟
يارب افتح لنا أبواب رزقك الحلال وأغننا من حلالك


*********


قــالت ســارة :


رأيت فكرة مشروع ممتاز على الانترنت.. يطلبون تصميم هندسي لمدينة ألعاب ترفيهية تعليمية للأطفال.. وصاحب أفضل تصميم سيأخذ مكافأة سخية وأيضا سيعيّن المستشار الهندسي للشركة وهي شركة مقاولات متعددة الجنسيات وراتبها أضعاف ما يتقاضاه عمر
عرضت عليه الفكرة فعجبته جدا وأمضى ساعات على موقع الشركة وهو متحمس جدا لاقترابه من حلمه بالخروج من دوامة عمله الروتيني الى دائرة الابداع التي يتمناها وكان مميز جدا بها في كليته ولا تتيحها له شركته.. وكان يقضي الساعات يشرح لي أفكار المشروع وأحلامه لو أخذوه هو في هذه الوظيفة الرائعة وكيف ستتحول حياتنا الى شيء آخر
وفجأة وجدته فقد حماسه وانكسر.. ولا يتحدث في الموضوع ولا يدخل الى موقع الشركة وعندما سألته عما حدث.. أجابني باحباط: خلاص يا سارة واضح ان الموضوع ده مش لينا

قلـت: ليه ياحبيبـي التشاؤم ده؟ ايه اللي حصل ده؟.. انت كنت متحمس جدا

قـال: لما حسبتها لقيت انهم عاوزين تأمين لدخول المشروع حوالى 5 آلاف جنية وكمان انا ح أحتاج معدات تصميم وأدوات ومراجع بمبلغ كبير.. حنجيب ده كله منين ؟

قلـت: ياسيدي ربنا يحلها من عنده.. بس بلاش الاحباط ده كله

فرد بيأس وانكسار: وبعدين ياستي يعني هم ح يسيبوا كل الناس اللي متقدمين وياخدوني انا؟ يعني أنا أزيد ايه عنهم؟

فرددت بحماس: انت تزيد عنهم انك عبقري وحساس وبتشوف الاشياء بمنظور خاص بيك وانت بنفسك ياما قلتلي ان زمايلك ومديرك نفسه قالوا ان تصميماتك عبقرية بس محتاجة تمويل كبير.. وبعدين هو اي واحد من الناس الكبار ابتدا حياته ازاي؟ ماهو أكيد كان صغير زيك كده بس عنده ثقة في موهبته فكبر بيها.. انت مش عارف قيمة نفسك يا باشمهندس ولا ايه؟

انتقل الحماس اليه شيئا فشيئا ورد وقال: ياستي ربنا يكرمك بس انا حآجي ايه جنب كل الناس اللي حتقدم دي؟ مش معقول ح ياخدوني انا

قلـت: أهي هيّ دي محبطات الأعمال اللي الرسول عليه الصلاة والسلام استعاذ منها.. ياسيدي اعمل اللي عليك واجتهد والتوفيق على الله.. وبعدين نسيت سلاح ساحر اسمه الدعاء؟ يخليك تهزم اي حد قدامك وتنتصر عليه كمان

استعاد ثقته بنفسه وتلون صوته بالأمل ولمعت عيناه وهو يقول: يعني انتي شايفة كده ؟

فرددت بسعادة: طبعا انا مؤمنة بموهبتك جدا.. يالاّ توكل على الله وابدأ وابذل كل جهدك ولن يضيعك الله أبدا.. وبكرة تقول سارة كان عندها حق
احتضنني بسعادة وهو يقول: ربنا يخليكي ليّا وتفضلي على طول جنبي كده
ثم أبعدني عنه عندما تذكر أمرا يؤرقه: طيب والفلوس حنجيبها منين وانتي عارفة والدي خلص كل مدخراته على جوازنا؟
فرددت بثقة في الله: ما تخافش ربنا ح يحلها من عنده

*********

في الصباح بعد ما ذهب عمر على عمله ذهبت في مشوار سري الى الجواهرجي وبعت كل شبكتي وذهبي قبل أن أتزوج ولم أترك الا دبلة زواجي لأن عليها اسم عمر.. يارب المبلغ ده يكفي المشروع
أكيد عمر حيرفض في البداية بس ح احاول أقنعه بس يارب ما يعملهاش مشكلة
وفي طريق عودتي أخذت جزء بسيط من المبلغ واشتريت به لحم ودجاج وخضار وفاكهة يعوضنا عن حياة القحط التي نعيشها منذ تركت عملي.. سأعد لعمر وليمة اليوم
وعندما دخل عمر البيت وشم رائحة اللحم الشهي ظن انه أخطأ العنوان لأنه ترك البيت وليس به الا معلبات.. ثم عندما تأكد من العنوان صرخ مثل طرزان وقال: في بيتنا لحمة يارجالة.. جبتي منين الممنوعات دي يا مدام ؟

بلعت ريقي وانا اتمتم بالمعوذتين في سري وأخذته لغرفة النوم ليغير ملابسه أولا وهمست له: مش ح أقول لك الا لما تقول لي مبروك الأول

رد بابتسامة كبيرة: مبروك يا ستي انتي حامل تاني ولا ايه ؟
قلـت: يا غلاستك.. لا ياسيدي.. ح أدخل مشروع كبير اوي مكسبه مضمون جدا

قـال بغضب: عاوزة تشتغلي تاني ياسارة ؟

رددت بدلال: لا ياسيدي.. انت اللي حتشتغل عندي

فعقد جبينه وتململ: سارة انا تعبان ومش رايق للحواديت دي.. قولي فيه ايه؟

بلعت ريقي هذه المرة بصعوبة وقلت: طيب أنا ح أقولك.. بس اهدا كده وفكر الأول قبل ما ترد.. بص ياحبيبي انا بعت كل دهبي علشان أوفرلك الفلوس اللي انت محتاجها للمشروع بتاعك

صرخ بعنف وقد تطايرت كلمات الغضب منه: اييييييييييه؟ عملتي ايه ؟ ازاي تعملي كده قبل ما تستأذنيني ؟ انتي بتهرجي ؟


وضعت يدي على فمه واستحلفته ان يتركني أشرح له: هو انا عمري عملت حاجة من غير ما أستأذنك يا عمر؟ بس دي ما كنتش حتوافق أبدا عليها.. كان لازم واحد فينا يتحرك قبل ما الفرصة تضيع مننا.. وانا ياسيدي مش لازمني الذهب ده في حاجة دلوقتي.. وبكرة لما ربنا يفرجها عليك تجيب لي الماظ بداله يا سيدي


رد بعصبية: برضه كان لازم تستأذنيني الأول

قلـت: حقك عليّا.. أنا آسفة.. بس انا كمان عاوزة حياتنا تتغير وعاوزاك تكبر.. وياسيدي لو كنا جينا من برة مرة لقينا الشقة اتسرقت وفيها كل ذهبي كنا ح نعمل ايه يعني؟ مش ح نستعوض الله ؟ اعتبره اتسرق ولا ضاع وخلاص


رد بعناد: بس انا كرامتي ما تسمحش اني آخد فلوس من واحدة ست

فحككت رأسي علامة التفكير: ياااااااربي انا شفت الفيلم ده فين قبل كده؟؟ في أي سينما؟.. ست مين ياحبيبي ؟ ده أنا مراتك والخير اللي ح يجيلك ح يجيلي أنا كمان.. وبعدين ماهي السيدة خديجة كانت بتساند الرسول عليه الصلاة والسلام بمالها.. انت يعني أحسن منه ؟
فهدأ ولان لمنطقي وقال باستسلام: لا طبعا.. بس دي تضحية كبيرة منك ياسارة وأخاف أخذلك

ابتسمت وقلت: ولا تضحية ولا حاجة هو احنا لما نبني حياتنا نبقى بنضحي؟ وبعدين أنا مؤمنة بموهبتك جدا جدا جدا وعندي يقين ان ربنا ح يكرمك بس انت يالاّ أبدأ وبلاش كسل
أشرق وجهه بالأمل والحب معا وهو يضمني اليه ويقول: جميلك ده طوق في رقبتي.. ربنا يقدرني ويوفقني علشان خاطرك انتي يا حبيبتي


الحلقة السابعة عشر من عمر وسارة






قــال عمــر :


خفق قلبي بقوة عندما رأيت سارة تدخل الصالون كما كنت أفعل حين أراها أيام الخطوبة
يا حبيبتي يا سارة.. واضح انها لم تنم مثلي ووجهها متعب جدا.. لن أغضبك أبدا يا حبيبتي.. وقطعت حبل أفكاري لأسترد وعيي ولأقول للجميع ما نويت عليه: أنا جاي النهاردة علشان أعتذر عن الكلام اللي قالته والدتي ليكم.. وأنا باعتذر بالنيابة عنها لأني لا أقبل المساس بكرامة سارة لأن كرامتها من كرامتي.. بس أنا جاي علشان كده.. وبعد اذنكم استأذن لأن عندي مشوار مهم

*********

قــالت ســارة :

قفز قلبي بين ضلوعي من الرعب.. ألن يصالحني عمر؟
طيب وبعدين؟..هل سيمشي حقا ؟
همت والدتي أن تلقي عليه مدفعية من العيار الثقيل.. وما أن فتحت فمها حتى عرف أبي نيتها وعلم أنها ستشعل الوضع فقاطعها بصوت حازم ايه يا حاجة مش حتعملي قهوة للباشمهندس ولا ايه؟
ونظر لأمي نظرة نارية جعلها تنسحب في صمت
ثم استأذن هو الآخر ليجري مكالمة تليفونية طويييييييييييلة.. ربنا يخليك لي يابابا
نظرت الى عمر من طرف خفي بشوق
آه كم أعشق هذا الرجل
وكم كبر في نظري عندما اعتذر عن كلام والدته السخيف
أنا فعلا غلطانة غلطانة غلطانة
وأخيرا تكلم عمر ونظر اليّ بعتاب كبير لم أره من قبل: كويس كده ان الناس بتتفرج علينا؟ وانتي اشتكتيني للجميع وأنا لم أحكي حتى لأمي ؟

أنا: .........!؟


عمـر: أنا فعلا غلطان اني زعقت وكبرت الموضوع بس انتي بعتيني وسبتي البيت وانا مش ح انسي ده أبدا


رديت عليه هذه المرة: أنا غلطانة فعلاً.. بس أنا متعودة منك أنك تحتويني وتطبطب عليّا.. فجأة لقيتك بتهاجمني وانا ميتة من التعب.. اتجننت.. أعمل ايه ؟ ووالدتك كمان قالت كلام رهيب

رد بعصبية: خلاص أنا اعتذرت عن كلامها أعمل ايه أكتر من كده؟ بس لازم تعرفي اني مش ح اسمح بالوضع ده تاني.. لو عاوزة تزعلى مني ابقي اقفلي على نفسك أوضة النوم واعتبري نفسك سبتي البيت.. مش نفرّج علينا الناس كده؟

رددت بخجل وقد بدأت دموعي تنساب: خلاص انا كمان غلطت يا عمر

لانت ملامحه برقة وقال لي بحنان: طيب ايه لازمة الدموع دي دلوقتي؟ ما تعيّطيش علشان ما تتعبيش يا سارة.. وبعدين كده أهون عليكي وتسيبيني لوحدي؟

فهممت أن أعاتبه ثانية فدخل والدي وهو يبتسم ابتسامة حنون وكأنه سمعنا وقال لي: يالاّ يا سارة من غير مطرود قومي البسي هدومك علشان تروحي مع جوزك يا حبيبتي.. ومش عاوزين نشوفكم هنا الا مع بعض.. مفهوم ؟

*********


قــالت ســارة :


وأخيرا دخلتُ بيتي وكأني تركته من عشر سنين.. شعور رائع بالدفء غمرني عندما أحاطتني أركانه
كم كنت غريبة خارجه.. لن أتركه ثانية ان شاء الله
والتفت الى عمر وأنا أتوقع خناقة طويلة أو أوامر لا حصر لها لأنه لم ينطق بكلمة في السيارة طوال الطريق وشكله ينذر بعاصفة لا حدود لها.. ونظرت له صامتة أنتظر ما سيقوله
انتظرت طويلا حتى رفع رأسه لي أخيرا وقال لي جملة واحدة بحزم رهيب: أنا مش ح أسمح باللي حصل ده انه يتكرر تاني.. ولو مش عاوزة تسمعي كلامي بعد كده في أي موضوع يبقي مفيش لازمة نكمل مع بعض
ثم تركني ودخل غرفته الصغيرة التي تحتوي على سريره القديم وهو شاب.. ولم يدخل غرفة نومنا
ذهلت من عبارته لقاسية وارتجفت من القلق.. لم أتخيله غاضبا الى هذا الحد
لقد اعتدت منه على الغضب ثم الصفاء السريع ثم يبادر هو لصلحي حتى لو كنت مخطئة
اعتدت على حنانه حتى تماديت في عنادي والآن أدفع الثمن
لم أجرؤ ان أدخل وراءه وأناقشه وتركته ليهدأ.. ودخلت غرفة نومي وحاولت النوم قليلا ولم أستطع فالغرفة بدونه كأنها غرفة في الاسكيمو
عرفت الآن لماذا جعل الله الهجر في المضاجع وسيلة لتأديب الزوجة
ومرت أيام ونحن على هذا الحال لا يكلمني الا كلمات معدودة ولا ينظر الى عيني وهو يحادثني
آه ما أقساه من عقاب
وحاولت مرارا أن أفتح معه الموضوع لأشعره أني أخطأت واني كنت متوترة من الحمل واني لن أفشي أسرارنا ثانية أبدا.. بلا جدوى
كان لا يسمع ويجعلني أصمت بحزم واضح.. حاولت اثناءه عن النوم في غرفة أخرى بلا فائدة.. وكان يعود يجدني متزينة ومتعطرة ولكن كأني ألبس طاقية الاخفاء
ماذا أفعل ياربي ؟
ومازاد المشكلة ان ماما زعلانة مني اني رجعت منزلي دون أن أجعلها ترد لي حقي وتقتلّي عمر وأمه.. وطبعا حماتي لا تتصل أبدا وشعرت انها هي الأخرى زعلانة من عمر ومني طبعا
يعني احنا كده كلنا عاوزين مجلس الأمن يصالحنا مع بعض


*********

قــال عمــر :


لابد أن تعلم سارة اني لا أقبل ان تستهين بي ولابد أن تسمع كلامي.. الظاهر اني دلعتها كتير وهي اتعودت على كده
لابد من وقفة حتى تستقيم الأمور
بس كده انا حاسس اني بأقسو عليها جدا.. لا والله.. لا يمكن تكون قسوة فالرسول صلي الله عليه وسلم اعتزل زوجاته في المسجد عندما أثقلوا عليه في أمور الغيرة والاختلافات الصغيرة حتى عادوا الى سابق عهدهم
بس هيّ صعبانة على جدا ووحشاني جدا جدا
لااااا.. اجمد ياعمر باشا وكمل دور سي السيد واستحمل النوم على السرير السفاري الجبار ذو المرتبة الفولاذية لحد ما ربنا يسهل


*********

قــالت ســارة :


طيب الشغل وأخدت أجازة منه.. وكلام وبأحاول أكلمه.. أعمل ايه تاني؟
الظاهر اني غلطت لما صالحته.. خلاص هو حر انا عملت اللي عليّا.. عاوز يزعل براحته بقى
بس هو حبيبي برضه وبافتكر لما بأكون أنا زعلانة منه بيعمل ايه علشان يصالحني.. يبقى انا ماأتعبش نفسي شوية علشان أصالح حبيب عمري؟ امال أتعب نفسي علشان مين؟
أعمل ايه.. أعمل ايه؟
واخذت أفكر وانا ألعب على الكومبيوتر لقطع الوقت حتى يأتي عمر
ووقعت عيني على الطابعة وأنا ألعب.. وفكرت أن أكتب له جواب اعتذار وأشرح فيه مشاعري له.. ولكني وجدت فكرة أفضل
أخذت أكتب كلمة أنا آسفة بكل اللغات التي أعرفها: آسفة بالعربي وسوري بالانجليزي وباردون بالفرنساوي و أيّوووه حقك علينا يا جدع بالاسكندراني ومعلهش بالصعيدي
وأخذت أطبع من هذه العبارات الكثير وطبعا لم أنسي أن أكتب عبارات جميلة مثل: والله العظيم باحبك..و: ما كنتش أعرف انك قاسي كده..و: طيب أهون عليك؟
وكتبت لوحتين كبيرتين علقت واحدة على باب حجرة نومه الصغيرة التي أكرهها وكتبت عليها: ممنوع الدخول
والأخرى على باب غرفة نومنا معا وكتبت عليها: الاتجاه اجباري
وأخذت أعلق كل هذه الأوراق في كل مكان.. أكيد حيقول عليّا مجنونة لما يشوف المهرجان ده كله.. بس يمكن الجنان يصلح الشرخ اللي حصل بيننا
وانتظرت عمر طويلا حتى جاء.. وطبعا ذهل من دار النشر اللي أنا عاملاها في البيت
ونظر اليّ وابتسم ابتسامة عريضة لم أرها من أيام طويلة.. فجريت اليه وتعلقت برقبته كالطفلة الصغيرة وهمست في أذنه: مش ح اعمل كده تاني.. أنا ماأقدرش أعيش وانت زعلان مني كده
ضمني اليه وقد زال كل غضبه وجلسنا وقال أخيرا وهو يبتسم: انتي حتفضلي مجنونة كده على طول؟ كل ده عملتيه علشان تصالحيني ؟


قلت بدلال: يعني انت مش زعلان مني.. مش كده؟

قال: أنا مقدرش أزعل منك خلاص.. بس لسه فيه نقطة صغيرة.. موضوع الشغل ده انا مش ح أرجع في كلامي فيه.. لا يمكن أعرضك للخطر انتي وابني تاني.. انتو الاتنين أغلى حاجة عندي.. اتفقنا؟


هممت بالاعتراض ولكني لم أستطع وقلت على مضض: حاضر بس أنا ما اتعودتش على قعدة البيت يا عمر.. بجد ح أموت من الملل وبعدين حنلاحق على مصاريفنا منين يا حبيبي؟


قال: بصي.. أنا فكرت في حل يريحنا كلنا.. بس ادعي ربنا انه يحصل.. فيه واحد عندنا في الشركة كل شغله انه يرد على العملاء من خلال الايميلات وانه يجري أبحاث على النت ليحصل على أفضل عروض للشركة من خلال مقارنة مواقع الشركات الثانية بشركتنا.. يعني كل شغله على الانترنت وكتير ماكانش بييجي ويبعت التقارير دي من البيت..لأنه بيؤدي المطلوب منه وخلاص لأن وجوده في الشركة غير ضروري.. هوّ الأيام دي جاي له عقد عمل في الخليج وبيفكر جديا انه يوافق عليه.. فلو ده حصل ح أحاول أقنع المدير انه يسلم الشغل ده ليكي تعمليه من البيت.. وح أقنعه انك ولا بيل جيتس في زمانه هو صحيح راتبها أقل من مرتبك القديم.. بس ح تترحمي من بهدلة المواصلات.. قولتي ايه ؟ أقول له ولا انتي مش موافقة؟


رددت بفرح كبير: مش موافقة!!؟ دي وظيفة تجنن.. بس يارب صاحبك يسافر والمدير بتاعك يوافق.. بس مين ح يعلمني الحواديت دي كلها؟.. انا بأعرف أشتغل على الكومبيوتر والنت كويس بس ما أعرفش العملاء والمنافسين والأفلام دي؟ مين اللي ح يعلمني ؟
وكان رده جاهز على طول: انا ياحبيبة قلبي


الحلقة السادسة عشر من عمر وسارة





ســارة
:
عندما وصلت لباب بيت والدي أحسست أني أفقت من نوبة الجنون التي كانت تتملكني وكأن انسانة أخري هي التي كانت تتحدث وتصرخ أحسست أني هدأت وأفقت وترددت هل أضرب الجرس أم لا.. معقول.. طيب أرجع؟ وحيبقي شكلي ايه امام عمر ؟
طيب ازاي ح أحكي لماما وبابا وأخواتي والدنيا كلها مشاكلي مع عمر بهذه البساطة؟ بس هو باعني وغروره منعه انه حتى ينده عليّا
انهمرت دموعي ثانية عندما تذكرت هذا ورننت الجرس
صرخت أمي عندما رأتني في هذا الحال المرعب.. شاحبة منهكة عيناي مصبوغة بلون الدم ووجهي متورم من كثرة البكاء.. وقالت: ايه يا سارة يا حبيبتي مالك ؟ فيه حاجة حصلت للبيبي ؟
فقلت في سري هو كل الناس بتسأل على البيبي وانا اتحرق؟  .. ولم أستطع الرد ودخلت البيت وارتميت على أقرب كرسي وجاء أبي واحتضنني وهو يقرأ على رأسي آيات من القرآن ويهدهدني كالطفلة الصغيرة
اه لو يعامل كل رجل زوجته كأنها ابنته لعاشت النساء في الجنة.. وكأنه علم ما بي بدون أن يسأل فأمر أمي أن تأخذني غرفتي القديمة لأستريح.. هكذا بدون أن يسألني سؤال واحد  بعكس أمي التي انهالت عليّ بالأسئلة من ساعة ما دخلت الشقة
ودخلت غرفتي القديمة وأحسست بغربة أول ما دخلتها.. وللحظة شعرت ببرودة شملتني واشتقت لدفء شقتي
كيف أشعر هكذا وهذه هي غرفتي التي ضمتني لأكثر من عشرين عاما.. سبحان الله .. وأفقت على صراخ أمي لي: ياسارة وقّعتي قلبي قولي ايه اللي حصل؟ انتي اتخانقتي انتي  وعمر ؟
قلت: ايوة يا ماما وسبت له البيت
فدقت على صدرها بجزع وقالت لي: ليه كده يا بنتي؟.. هو فيه واحدة عاقلة تعمل كده؟ طيب انا متجوزة أبوكي من 25 سنة عمرك شفتيني سبت له البيت ومشيت؟ هو ده اللي انا علّمتهولك ؟
فوجئت بموقف أمي المهاجم وكنت أتخيل أنها ستصب جام غضبها على عمر واضطررت أن أحكي لها كل شيء.. وانتظرت رد فعلها فسكتت طويلا وردت على بهدوء: عاوزة رأيي؟.. انتوا الاتنين غلطانين وانتي غلطانة اكتر
فرددت بغضب: ليه بقي؟.. يبقي انا عاملة حادثة وبأموت وييجي يزعق لي ويهددني كمان
قالت ماما: اهدي يا سارة يا حبيبتي؟؟ انا ح أقول لك انتي غلطانة ليه.. اولا علشان سيبتي بيتك.. وثانيا لأنك من أول الحمل وانتي عصبية جدا ومش بتطيقي كلمة واحدة فكبرتي الموضوع بدون داعي.. انا عارفة ان ده غصب عنك بس لازم تهدي شوية.. وكمان انك كل شوية تقوليله باساعدك باساعدك ودي حاجة تجرح كرامة أي راجل فعاند معاكي هو كمان 
قلت أنا: ياسلام.. يعني طلعت انا اللي غلطانة  وعمر باشا هو الغلبان المظلوم
قالت ماما: لا يا ستي.. هو كمان غلطان انه عاند معاكي وانه سابك تنزلي وانتي زعلانة كده.. بس انا مش عاوزة أتدخل علشان ما أكبرش الموضوع.. اقعدي ارتاحي شوية وبعدين ارجعي بيتك علشان الموضوع ما يكبرش
فنظرت لها بذهول وقلت: إيه؟ أرجع بيتي كمان؟.. انتي اللي بتقولي كده ياماما ؟!! يعني عاوزاني أرجعله وكرامتي تتبهدل أكتر من كده؟ طيب أروح فين يا ربي انتو كمان مش  عاوزني في بيت أبويا؟
فنظرت اليّ أمي باشفاق وكأنها تنظر الى مجنونة وقالت لي بحنان: طيب يا حببيتي ارتاحي شوية وربنا يحلها من عنده ان شاء الله
وارتميت في حضنها وبكيت مرة أخرى
*********
قــال عمــر
:
البيت وحش أوي من غير سارة 
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ليه كل ده ؟ طيب أتصل بيها ؟
لا.. مش ممكن.. دي جرحتني وباعتني في لحظة.. وكل شوية تمنّ عليّا انها بتساعدني.  . أنا مش عارف ايه اللي جرى بس
طيب أروح لها بيت والدها؟ لا ده كده تبقى هي اللي غلطت فيّا وأهانتني وكمان أروح أصالحها؟ ده أنا ماأقدرش أبص في عينيها تاني خلاص هي اللي سابت البيت يبقى هي اللي ترجعله لوحدها
*********قــالت ســارة
:
استيقظت من نومي المتقطع لأشعر أني لم أنم.. وانما كنت أحارب من أحلامي المزعجة التي رأيتها.. وأول ما استيقظت نظرت على الموبيل لأري هل عمر اتصل بي أم لا؟ وحزنت عندما لم يحاول الاتصال ولا أرسل حتى رسالة اعتذار
ما أصعب أن يجرح الرجل كرامة حبيبته والاصعب انتظارها حتى يرد لها كرامتها
ماذا أفعل الآن ؟ ماذا لو لم يأتي عمر لصلحي؟ هل سأعود وحدي ؟ لا يمكن
أخيرا عرفت ماما ليه ماكانتش بتسيب البيت  مهما زعلت مع والدي كي لا تضع نفسها في موقفي المحرج
وخرجت الى الصالة لأجد جميع أفراد أسرتي ينظرون اليّ باشفاق وخجلت من موقفي وحاول أبي التسرية عني ومداعبتي ولكني سمعت صوت أمي عاليا تتحدث تلفونيا في الصالون فدخلت عليها كالسهم وظننتها تتشاجر مع عمر.. وياليتها فعلت فقد وجدتها تتحدث مع حماتي
ياللكارثة.. انقلب الموضوع لحرائق بالطبع.. واضح ان حماتي تسدد كلمات نارية لأمي وانها كالمعتاد تلقي اللوم عليّا كده يا عمر لحقت قلت لها ؟!! طيب ما انا كمان قلت لماما اشمعنى هو يعني اللي حيطلع عاقل؟
وأخيرا ألقت أمي السماعة بعنف وهي تغلي من الغضب وتقول: انا غلطانة اللي كلمتها علشان تهدي الموضوع دي عاوزة تخرب البيت وخلاص.. قال وبتقول عليكي انك متدلعة ومش مهتمة ببيتك ولا جوزك قال وانا اللي كنت بأقولك اخزي الشيطان وارجعي بيتك.. طيب لو البيه ابنها ماجاش يصالحك ويبوس على راسك كمان عمره ما حيشوفك تاني وحيشوف شغله معايا انا سألتها: هوّ عمر اللي اشتكي لها مني ولا انتي اللي قلتيلها ياماما ؟
ردت: لا يا ستي انا اللي قلتلها.. هو ما قالش حاجة فرددت بندم وانا اغالب البكاء: ربنا يخليكي ياماما
*********قــال عمــر
:
سألت أمي وأنا أكلمها في التلفون: ليه يا ماما بس تقولي لأم سارة الكلام ده كله ؟ هو أنا عمري اشتكيتلك منها ؟
ردت وقالت: هو انت من ساعة ما اتجوزت وانت بتحكيلي على حاجة خالص؟ بقى مراتك تغضب وتسييب البيت وأنا ماأعرفش؟ وكمان زعلان اني رديت عليهم؟
قلت: ياماما حضرتك كده كبرتي الموضوع وانتي عارفة سارة قد ايه محترمة وبنت ناس.. بس هي الحمل اللي تاعب أعصابها شوية ردت بغضب بالغ من دفاعي عن سارة: أنا اللي كبرت الموضوع ؟! والمحترمة بنت الناس اللي سابت بيتها وراحت اشتكتك للناس ما كبرتش الموضوع؟
لم أستطع الرد عليها وقلت في سري: كده يا سارة تصغريني قدام الكل ؟
ورديت على ماما وقلت: ياماما حقك على بس حضرتك كده خلتينا احنا كمان غلطانين.. وانا دلوقتي مش عارف أعمل ايه ؟  قالت بعنف: روح صالح ست الحسن والجمال بتاعتك
وأغلقت السماعة في وجهي
لا اله الا الله.. أعمل ايه أنا دلوقتي في المصيبة دي؟.. العيلتين وقعوا في بعض كل ده من دلعك يا ست سارة
بس ماما خلتني لازم أعتذر لها عن كلامها اللي قالته.  . كمان لازم ماأوطيش لها علشان تعرف انها هي اللي غلطانة واحاسبها انها طلّعت أسرارنا للناس
طيب أروح ولاّ ما أروحش ؟
أنا لم أنم لحظة من ساعة ما سابت البيت امبارح.. وكأنها أخذت الحياة معها وتركت البيت قبرا.  . خلاص أنا أعمل كلام ماما ده حجة اني أصالحها.. رب ضارة نافعة.. بس برضه حاعرّفها أنا مين

*********
قــالت ســارة
:
كده يا عمر أهون عليك؟  تسيبني يوم وليلة كاملين من غير ما تسأل عليّا ولو بالتليفون؟.. وكلام حماتي اللي يحرق الدم
بس بجد أنا اللي غلطانة أهو دلوقتي حماتي مش طايقاني وماما مش طايقة عمر
انا فعلا اللي غلطانة جدا اني سبت بيتي
ياما مرت علينا أنا وعمر خناقات أصعب من دي وكنت بأخاصمه شوية وكان دايما هو اللي بيصالحني حتى لو انا اللي غلطانة.  . كويس كده الرمية اللي انا مرمياها دي؟
طيب لو ركبه العند زيادة حاعمل ايه ؟
أنا عرفت ليه دلوقتي ليه طاعة الزوج ربنا وصي عليها لدرجة الا تسجد المرأة لمخلوق بعد الله الا لزوجها
سبحان الله.. ربنا عمل كده علشان يصون كرامة المرأة وليس الرجل وحده .. بأن يجعلها مصانة في بيتها ولا تكون ضيفة ثقيلة على الناس وتنشر أسرارها للجميع
والله أشعر اني عرّيت نفسي أمام الكل.  . وزوجي هو الوحيد ستري وعزي وكرامتي
حتى الأهل حبهم من النوع المدمر الذي يبحث عن كرامة البنت وليس عن بقاء بيتها.. وأنا كان ممكن أُشعر عمر انه غلطان بألف وسيلة وأنا في بيتي بدون الجنان اللي عملته ده.. هوّ يعني البنت قبل الجواز بتسيب بيت والدها لما تزعل؟ 
يارب سامحني لن أفعلها أبدا مهما حدث
واخذت أستغفر الله كثيرا وأدعوه أن يحل هذا الوضع المعقد.. حتى جاءت اجابة دعائي أسرع مما توقعت
جاءني نداء أختي الصغيرة اليّ مثل نشرة الاخبار: أبيه عمر جه يا أبلة سارة وحاطط برفان كتير أوي 
فقفزت من السرير وأنا أشعر أن كل جزء في جسدي يرتعش ويرقص.. يا حبيبي يا عمر ماقدرش على بعدي.. أحمدك يارب
غيّرت ملابسي بسرعة وغسلت وجهي الذابل من كثرة الدموع وخرجت بسرعة قبل أن تتشاجر معه أمي


الحلقة الخامسة عشر من عمر وسارة





ســارة
:
مر أكثر من شهرين على الحمل
احساس لا يوصف لا يضاهيه احساس اخر
كنا ونحن صغار نفرح ببعض حبات الفول عندما نزرعها بأيدينا ونراقبها بالساعات وهي تكبر شيئا فشيئا ونغضب عندما يتخلص منها أحد الكبار كالمعتاد وكأنه قتل جزء منا
الان هذا الاحساس اشعر به ولكن بداخل جسدي
نبضا صغيرا ينمو خلية خلية بداخلي
يتنفس من أنفاسي ويقاسمني الطعام.. ويفرح معي ويحزن معي
رغم اني لا أشعر بحركته بعد ولا بطني انتفخت لكن أشعر به في كل لحظة كيانا داخل كياني
رغم ما أعانيه من تعب وارهاق كبير جدا من دوار مستمر ورغبة دائمة في النوم الذي لا ينتهي ورؤية الطعام كالعدو اللدود وما يصاحب هذا من خناقات مع عمر وماما لي كي آكل رغما عن أنفي.. لأني بقيت اتنين دلوقتي مش واحد لكني أشعر اني أصبحت انسانة مختلفة في كل شيء
مزاجي مختلف
أتوتر بسهولة شديدة
أقلق سريعا
وللأسف أصبحت عصبية لدرجة لم أكن أتخيلها
لم أربط بين هذه التغيرات وبين الحمل الا عندما رأتني صديقتي في العمل أسبب مشكلة لا داعي لها من عصبيتي الزائدة.. فأخبرتني أن كثير من النساء يؤثر عليهم الحمل مثلي .. وقرأت في هذا الموضوع لأجد بعض حالات تتغير مزاجاتهم وشخصياتهم تماما في فترة الحمل
ماشاء الله انا أولد من هنا وأروح السراية الصفرا عدل


قــال عمــر
:
سارة أصبحت عصبية جدا الأيام دي
لا تطيق كلمة حتى ولو هزار وتقلب الموضوع خناقة وحدوتة.  . وأنا مقدّر تغيرها من الحمل ولا أحاول أن أعقد الموضوع.. وأصدقائي يؤكدون لي أن هذا شيء عادي ويقصون لي حواديت على الجنان الأصلي اللي شافوه على يد زوجاتهم في فترة الحمل
لكن بجد تعبت ووحشتني سارة حبيبتي الوديعة التي تغفر لي كل أخطائي وأتمتع بأنوثتها ورقتها.. لكني أعذرها فهذه ليست طباعها الأصلية ولابد أن أتحملها فهي تحمل ابني الذي أتمناه من الله
ربنا يهديها قبل ما أتجنن أنا
*********
قــالت ســارة
:
أنا بجد زهقت من كتر النصايح اللي باسمعها ليل ونهار من جميع البشر
لازم تاكلي كذا
ولازم تنامي بالطريقة دي
ولازم تمشي كده
ولازم ولازم ولازم
وكأن الحامل دي انسانة فاقدة العقل ومستنية بنات الصين يقولولها تعمل ايه 
وأكبر مشكلة بتواجهني في الحمل هي شغلي.. انا كنت قادرة أوفّق بالعافية بين الشغل والبيت لكن دلوقتي بجد تعبت
صحتى ضعفت من الحمل وهي أصلا ضعيفة والمشوار المحترم الذي باخده كل يوم يكاد يميتني من كثرة المطبات التي أشعر أنها تسحب روحي معها
ولكن ماذا أفعل ؟
أنا عمر لا نستطيع أن نستغني عن عملي في الوقت الحاضر من الناحية المادية.. وحتى لو استطعنا.. فأنا لا أتخيل نفسي ربة منزل أصحي الظهر وأرغي في التليفون في آخر وصفات الطبيخ وأخبار العيال أشعر بالأختناق من مجرد الفكرة.. ولا أريد أن أفكر فيها
لكني في نفس الوقت خايفة على البيبي وحاسة بالذنب مما أعرضه له
...يارب ساعدني

*********قــال عمــر
:
غريبة أول مرة أدخل البيت ولا تستقبلني سارة كالمعتاد
سارة.. سارة.. انتي فين يا حبيبتي ؟
جاءني صوتها ضعيفا من حجرة النوم فطرت عليها وأنا أرتجف من الخوف. . فوجدتها مازالت بملابس الخروج.. شاحبة ولون وجهها يحاكي وجوه الموتى
جريت عليها وأنا أصرخ: مالك يا سارة فيه ايه؟
فردت بضعف: الحمد لله. . أنا كويسة ما تقلقش يا عمر
قلت بلهفة: كويسة؟ ايه يا حبيبتي ده.. انتي بتموتي!! ايه الى حصل؟ ردي على بسرعة؟ ولاّ أقولك.. حاجيب ليكي مسكّن وعصير تشربيه الأول وارفعي رجليكي على المخدات  دي علشان تفوقي شوية

*********قــالت ســارة
:
أخذتُ الدواء وشربت العصير وشعرت أني أفضل حالا مما كنت عليه فشكرت عمر وقلت له: أنا كويسة ما تقلقش
قال لي: الف سلامة عليكي يا حبيبتي .. ايه اللي حصل؟
رديت: مفيش حاجة.. وأنا راجعة من الشغل وراكبة المواصلات السوّاق عمل حادثة وخبط في عربية كانت قدامه وعمل اهتزاز عنيف في عربيتنا طبعا.. لدرجة اننا وقعنا من على الكراسي وبعدها حسيت اني دخت جدا.. وحسيت بمغص جامد أوي والم حاد في ظهري من الوقعة.. لكن الحمد لله.. انا كويسة دلوقتي والبركة في ربنا وبعدين فيك
سمعني عمر وأنا أحكي الموضوع بمنتهي البساطة وهو يغلي من الغيظ فرد بعصبية: يعني ايه كويسة كنتي ح تموتي انتي واللي في بطنك وتقولي كويسة ؟
قلت بسرعة: ما تكبرش الموضوع يا عمر مفيش حاجة ؟
رد بعصبية: لا طبعا فيه.. لما تصري على شغلك وانتي كل يوم بتركبي ميت عربية وانتي حامل يبقي فيه الف مشكلة.. انا كام مرة قلتلك بلاش الشغل ده؟ كويس كده لما يحصل لك اجهاض ؟
فرددت باستفزاز: يعني انت خايف على اللي في بطني مش على انا ؟ 
قال: والله من حقي اني أخاف وأنا شايفك بتستهتري بيه كده.. ده ابني برضه
فجننت من رده وصرخت: باستهتر؟ هو انا كنت رايحة السينما ولا النادي؟ مش الشغل؟ وبعدين مرتبي ده بأعمل بيه ايه؟ باشتري بيه ماكياج وبرفانات ولا كله على البيت وبأساعدك في مصاريفه ؟ وفي الاخر تقول لي بتستهتري ؟
فصرخ فيّ: هو انتي كل ما تتكلمي تقولي لي انا بأصرف وبأساعدك؟ طيب ايه رأيك بقي ده اخر يوم ليكي في الشغل؟
فرددت بعند هائل لا أعرف من أين أتاني: مش ممكن طبعاً
فجن من ردي وأصبح انسان آخر: مش ممكن؟!! يعني مش بتسمعي كلامي؟!! طيب يا سارة لما أشوف كلامي ح يتنفذ ولاّ لأ ؟ اختاري دلوقتي حالا.. ياأنا يا الشغل
تملّكني الشيطان تماما وأعماني الغضب وأنا أنفجر فيه بطريقة لم يسمعها مني من قبل: الشغل يا عمر!! ايه رأيك بقى؟ انا خلاص زهقت من أوامرك وتحكماتك فيّا كانك اشتريتني.. زهقت من حياتي كلها ومش قادرة أستحمل أكثر من كده.. ونفسي أسيب البيت ده اللي أنا حاسة اني جارية فيه مش انسانة بتحترم طموحها ومستقبلها وأرجع بيت أهلي اللي كنت ملكة فيه 
رد عمر بذهوووول: اييييييييه؟ بتبيعيني يا سارة؟ وكمان عاوزة تسيبي البيت؟ على العموم انتي حرة بس افتكري انتي اللي بعتيني وانا مش ح اشتريكي
لم أستطع الانتظار أكثر من هذا وأحسست ان كرامتي ذبحت فقمت ارتديت طرحتي وخطفت حقيبة يدي وجريت على باب الشقة وعمر ينظر لي ولكنه صامت لا ينادي عليّ.. فألقيت
عليه نظرة أخيرة وتركت بيتي وأغلقت وراءي الباب بعنف
*********
لا أعرف حتى الآن كيف وصلت بيت والدي؟
أكيد كان كل الشارع بيتفرج عليّا !!وسواق التاكسي اللي ركبت معاه كان رجل عجوز وطيب أخذ يهدأ فيّا وهو يراني أبكي بحرقة دون أن يعلم بما حدث .. ولكن واضح أن شكلي كان في منتهى التعب والبهدلة
كده برضه يا عمر أهون عليك أسيب البيت؟ وحتى لا يكلف نفسه أن يبقيني أو يتحايل عليّ..الله يسامحك
واضح ان الحب اللي كان بيقولّي عليه كله كلام في كلام خلاص.. أنا كمان ليّا أهل ياخدوا لي حقي علشان يعرف قيمتي
*********
قــال عمــر
:
حتى الآن لا أستطيع تصديق ما حدث
سارة تسيب البيت؟
وليه ده كله؟  .. انا مش شايف اني غلطت في حاجة
هيّ اللي قعدت تصرخ زي المجانين وتذلّني كل دقيقة انها بتساعدني في البيت
دي حاجة خلاص تجنن
مش قادر استحمل الذل ده بعد كده.. لا وكمان تبيعني وتختار الشغل وتسيب البيت وفاكراني حاجري وراها
لأ خلّيها. . ولمّا تعرف قيمة بيتها وزوجها ح ترجع لوحدها وغصب عنها كمان


الحلقة الرابعة عشر من عمر وسارة




قـالت سـارة
:
مشاعر كثيرة متضاربة تجتاحني
فرح وسعادة عارمة وخوف وقلق وتوتر وضوضاء جميلة تغمر كل مشاعري
لا أعرف ماذا أفعل ؟
كيف سأخبر عمر؟ وهل سيفرح ؟ أكاد أطير من السعادة وارقص من النشوة وأخذت أجري في انحاء الشقة من فرط سعادتي
أريد ان افتح كل الشبابيك والابواب لأصرخ في الجميع ان الله أعطاني رزقا واسعا وجعلني أنثي مكتملة الانوثة
هبطتُ بقوة على الكرسي من كثرة حركاتي الجنونية كما أفعل دائما وأنا ألهث من السعادة.. وتذكرت اني لست وحدي الان بل يوجد من يشاركني جسدي ويقتسم خلاياي وأنفاسي معي ولابد من احترامه واعطاءه حقه بالكف عن هذه الحركات الصبيانية وهمست له: عفوا يا صغيري سأصبح اما حنونا لك من الان
أمسكت التليفون وطلبت أمي ولم تكد تسمع صوتي وهو يرقص من الفرحة وقبل ان اقول شيء صرخت هي: انتي حامل يا سارة مش كده؟ 
فرددت وانا أضحك: ايه ده هي الجزيرة لحقت ذاعتها ؟ عرفتي منين يا جميل ؟
ضحكت ماما وردت: الف الف مبروك.. هو انتي فاكرة اني مش بأحسب معاكي باليوم ولا ايه ؟ بس ما كنتش بأحب اوتّرك في حاجة مالكيش يد فيها .. الف الف مبروك يا حبيبتي
قلت: الله يبارك فيكي يا ماما
ماما طبعاً مانسيتش توصيني: بس خلي بالك من نفسك وبلاش حركات الجنان بتاعتك والجري والتنطيط ده.. خلاص اعقلي ياسارة ح تبقي أم
همستُ في سري انها لو شافت ماتش الجري بتاعي من لحظات كان أغمى عليها فورا.... طبعا طبعا ياماما ما تقلقيش
كمّلت الوصايا: وخلي بالك من أكلك وحركاتك ونومك.. الخ الخ الخ
وأخذت أمي تسرد وابلا من النصائح في شتي المجالات .. حتى نمت منها على السماعة
ان شاء الله لما أخلف ح أهري ابني نصايح علشان أخلّص تاري
ولكن للحق بعض النصائح النسائية الخاصة لم أكن أعلم عنها شيئا.. ده انا كنت ح أبهدل الدنيا.. ربنا يخليكي لي ياماما
وأجريت مكالمة مماثلة مع حماتي لأنها كانت زعلانة من اخر مرة أخبرتها بذوق الا تتدخل في شئوني الخاصة.. وللحق هي طارت من الفرحة وأسلوبها معي كان أسلوب أم بحق وأشعرتني بحنانها لأول مرة
وأنهيت المكالمة وأخذت أحضر الغداء وفكرت في طريقة أخبر عمر بها
فكرت طويلاً
وأخيرا وجدتها 
*********
جاء عمر واستقبلته بشكل طبيعي جدا وأنا أكاد أنطق له بالسر في كل لحظة.. ولكني تماسكت وأعددت الغداء في هدوووووووو ء وجلسنا عادي جدااااااااا وبدأ يأكل
لاحظ اني وضعت طبق وملعقة وشوكة اضافيين .. فسألني في دهشة: انتي مزودة طبق ثالث ليه؟ فيه حد جاي؟
فرددت في غموض: ايوةعمر: طيب مش تقولي يا بنتي وسايباني اكل كده
أنا: لا مش مشكلة ماهو مش غريب
عمر: مين؟.. ماما ولا بابا ولا حد من أخواتك ؟
فرددت بهدوء يفرس: لأ
قال وقد نفذ صبره: هو احنا في رمضان ولا حاجة؟  ايه الفوازير دي؟ طيب نستنى ولا ناكل؟ انا ح اموت من الجوع
فرددت وانا أبتسم ابتسامة أودعتها كل أنوثتي: لا ياحبيبي كل انت بالهنا والشفا .. ماهو مش معقول أسيبك تستنى 9 شهور
فنظر الى بدهشة وعدم فهم في البداية
ثم نظر اليّ بعدم تصديق وأخيييييرا نطق وهو غير مصدق: سارة انتي.. انتي.. حامل؟
فهززت رأسي بالايجاب وأنا أتوقع رد فعله ان يقفز من الفرح ويحملني و..و..و
ولكني فوجئت بآخر رد فعل كنت أتوقعه على الاطلاق
رأيت دموع في عينيه لأول مرة في حياتي كانت أول مرة اراه يبكي
دموع غزيرة شاكرة مبتهلة.. لا أستطيع تصديق هذا أبدا.. كنت أعتقد ان الموضوع لا يشغله مثلي ولكن واضح انه كان يخفي انفعالاته كي لا يزيد همي.. يا حبيبي يا عمر
فقمت من مكاني واحتضنت رأسه وأخذت أمسح دموعه وأنا أقبل رأسه وأبكي انا الاخرى وأخيرا تمالك نفسه وابتسم وقال لي: خلاص بقى ايه الغم ده.. الف مبروك يا حبيبتي.. كده برضه مش تقوليلي من اول ما دخلت ولاّ تكلميني على الموبيل.. يا قلبك يا شيخة فضحكت وانا أسأله: يعني فرحان يا حبيبي؟
رد عمر وقال: بجد احساسي لا يوصف.. ياه ده انا كنت قلقان بشكل وكنت أدعو الله ليلا ونهارا.. بس كنت مش بارضى أقولك علشان ما أزودش توترك.. يالاّ ياسارة قومي اتوضي ح نصلي صلاة شكر جماعة على الهبة العظيمة اللي ربنا وهبهالنا
وصلينا أنا وهو.. وأخذ يدعو وأنا أؤمن على دعاؤه وأرتجف في داخلي من دعاءه العميق المبلل بدموعه الشاكرة المبتهلة وهو يشكر الله على عطاؤه الكريم ويصفنا في الدعاء انا وهو لأول مرة بالأب والأم وليس بالزوج والزوجة.. ويسأل الله ان يحفظ لنا وليدنا ويشب في طاعة الله ولا يمسه الشيطان أبدا
*********
فرغنا من الصلاة وجلسنا انا وهو على الأرض على سجادة الصلاة وكأننا لا نريد ان نخرج من روحانية الصلاة والدعاء
ورأيت عمر يتأملني بحب وهويهمس لي: الف مبروك يا حبيبة قلبي.. لو تعرفي غلاوتك زادت عندي ازاي ؟
قلت في سعادة: ياسيدي يا سيدي على الحنيّة.. ايه الهنا اللي انا فيه ده؟
عمر: لا والله صحيح.. دلوقتي انا حاسس ان انا وانتي بقينا عيلة بجد.. بس لازم ياسارة نشكر النعمة الكبيرة دي.. حاولي تحافظي على نفسك وبلاش الجري والتنطيط ده يامدام مفهوم ؟
أنا: يييييييييييييه انا سمعت الفيلم ده من ماما من شوية.. وايه كمان ؟
عمر: بصي يا قمر.. فيه حاجة مطلوبة منك طول فترة الحمل تعمليها علشان ابننا ان شاء الله يكون زي ما بنتمنى
أنا: ايه هيّ ؟
عمر: عاوزك يا ستي ما تسمّعيش ابني غير قرآن طول فترة الحمل.. انا قرأت كتير ان ده بيؤثر جدا على نفسية الجنين وبيخليه بعد كده متعلق جدا بالقران.. عاوزك طول مانتي فاضية تقرأي قرأن وبصوت مسموع علشان يشعر ويتأثر بيه.. عاوزك تختمي المصحف كل شهر لو قدرتي.. اتفقنا ؟
بهرني طلبه فأجبت بدون تردد: اتفقنا
أضاف قائلاً: وفيه حاجة كمان.. الحصالة بتاعتنا الخاصة بالصدقات.. من النهاردة سنضع للأستاذ فيها نصيب يومي.. مش برضه راجل ولا ايه؟
أنا: اه راجل طبع ده حاليا في حجم الزيتونة هو فيه حد قده.. ماشي ياسيدي فيه حاجة تاني؟
عمر: لا خلاص.. قومي بقي علشان أفسحك بالمناسبة السعيدة دي وأشتريلك هدية حلوة.. ولا ح تعملي لنا فيها حامل ودايخة والحوارات دي؟
أنا: لا ياعم.. حامل مين انت بتصدق؟.. حالبس في ثواني بس انت ماتغيرش رأيك ...حتوديني فين يا ابو العيال ؟
ضحك على اللقب وقال: المكان اللي تشاوري عليه يا أم عتريس. . بس الأول انا كنت ندرت ان لما ربنا يكرمنا بابننا ان اول مكان نروحه انا وانتي وهو يبقي للجامع.. موافقة نروح نصلي ركعتين ونطلع مبلغ صدقة لله ؟
أنا: طبعا موافقة جدا جدا جدا جدا


الحلقة الثالثة عشر من عمر وسارة




والغريب ان عمر كان جالس في هذا الحوار ولم يغضب مني كما توقعت !! بل بالعكس ابتسم وغمز لي بعينه وتظاهر انه يقرأ الجريدة كي لا تقتله أمه 
*********
وأخيييييييييييرا جاء ميعادي الشهري الذي انتظره على أحر من الجمر والحمد لله لم تتصل حماتي لتسألني سؤالها الشهري المعتاد
ومر اليوم بطيئاً بطيئاً دون حدوث شيء !! وكل دقيقة أترقب وادعو ألاّ يحدث
ومر اليوم التالى وانا في عملي ولا أركز اطلاقا الا في ترقب ما سيحدث؟ وهل ستتأخر شارة أنوثتي يوماً آخر؟
يارب.. يارب
ومر يومان آخران وانا أكاد أجن من التوتر الممزوج بفرح غامض
هل يكون قد حدث ؟؟ 
ولاحظ عمر اني لم أنقطع عن الصلاة كالمعتاد فسألني بترقّب: ايه يا سارة فيه ايه؟ بتصلي ليه؟
ولم أرد ان أخبره الا لما أتأكد أولا فضحكت وقلت له: أصلي أشهرت اسلامي قريب 
وطبعا لم ينخدع بهزاري ولكنه لم يرد أن يسأل هو الاخر كي لا يصاب باحباط
وعند مرور خمسة أيام لم أطق الانتظار.. وبدون أن أخبر أحد اشتريت اختبار حمل منزلي و قرأت تعليماته: علامة حمراء واحدة لايوجد حمل وعلامتان اي يوجد حمل
وأجريته
ومرت الثواني بطييييييييييئة وانا أغمض عيني كي لا أرى
وأخييرا امتد اللون الاحمر ببطء ليرسم علامتين
علامتين؟ 
يعني انا.. انا ؟ حااااامل ؟ 
وخرجت من الحمام وهبطت بكامل هيئتي في سجدة شكر طويلة وبللت دموعي الشاكرة وجهي ولهج صوتي بالدعاء وكل خلية مني ترتعد من فرط السعادة والشكر بهبة الله الغالية التي أودعها جسدى
كيف أشكر هذه النعمة؟  
وكيف أصونها؟
وكيف أخبر عمر وماذا تكون ردة فعله؟
وكيف أخبر الجميع؟  
أشعر اني أريد أن أصرخ في الشارع وأوقف المارة وأخبرهم: أنااااااا حااااااااااااااامل
 


الحلقة الثانية عشر من عمر وسارة







قــال عمــر
:
ياسلاااام ياسي عمر الله وبقيت زوج خلاص وبتخاف على كل مليم يحتاجه البيت !! فين ايام الفسح والانطلاق والمصاريف بدون حساب؟ وكان دايما والدي يقول لي لما تتحمل المسئولية ح تتغير وتعقل ولم أكن أصدقه
خلاص خلصت الايام دي وخصوصا مع الاسعار التي لا ترحم 
أصبحت لا أفكر الا في ما يحتاجه المنزل والضروريات مثل الطبيب والميكانيكي والسباك وخلافه ممن يهجمون على جيوبي فيجعلونها بيضاء لامعة من غير سوء
بس برضه احساس غريب اني لما أشتري شيء جديد للمنزل انا وسارة بأشعر بالسعادة على عكس ما كنت متخيل !! كنت اتصور وانا عازب ان لو مر اسبوع لم أخرج فيه مع أصحابي في فسحة محترمة ممكن يحصل لي حاجة في عقلي 
لكن دلوقتي بأجد لذة كبيرة أن أضيف شيء للبيت حتى لو كان بسيط جدا.. فأشعر بجد اني وقتها رجل البيت.. وخروجي مع أصحابي أصبح في أبسط الاماكن التي لا تكلف الكثير
وطبعا أسمع تريقة للصبح اني باوفر علشان أشتري الجرنال وبطيخة للمدام وانا راجع !!! امال اللي عندهم أطفال بيعملوا ايه ؟ ربنا يستر 
قالت سارة
يارب يا سميع يا مجيب حقق لي أملي.. ارزقني كما رزقتَ زكريا.. هب لي ذرية صالحة
اللهم اجعلني أمّاً 
ناجيت الله كثيرا بعد صلاة العشاء ان يحقق لي أملي ويهب لي طفلاً أسعد به ويملأ عليّ دنياي انا وزوجي
لا أعرف كيف اجتاحني احساس الأمومة من أول ما تزوجت؟.. كنت وأنا بنت احساسي بالأطفال مختلف.. لم يكن عندي صبر طويل معهم
أحب الطفل وهو يلعب ويضحك وأول ما يبكي تنقطع الصلة بيني وبينه وأرميه لأمه فوراً 
ماذا حدث ؟ سبحان الله القدير.. أحنّ لشيء لم أره !! ونفسي تهفو لأن تجاور دقات قلبه جسدي وأضمه بين ضلوعي
كيف حدث هذا الانقلاب؟ 
يارب يارب هبه لي هبة مباركة من عندك.. قد لا أكون أهلاً لهذه الهدية ولكنك أهلاً لهذا العطاء ياسميع يا مجيب 
أكاد أجن من شدة وطأة هذا الشعور والحنين القاتل لأن أكون أماً والغريب أن عمر لا يساوره هذا الاحساس مثلي.. بل يحمل خوف من مصاريف الاطفال ومسئوليتهم الكبيرة
رغم انه حنون جدا على الأطفال يمكن أكثر مني !! كيف هذا ؟ يمكن انه يذكر ذلك كي لا يجرح مشاعري او انه فعلا لا يشتاق مثلي هذا الاشتياق الجنوني؟ لا أعرف
يارب.. يارب 
وما يجرحني بشدة ويزيد عندي الاحساس اني تأخرت في الحمل هو سؤال الناس الدائم لي: هاااا ...مفيش حاجة حلوة جاية في الطريق ؟
أول ما أسمع كلمة هاااا الكريهة أتجنن
خلاص السؤال ده أصبحت أهرب منه من الجميع وكأن الموضوع بيدي وأنا التي لا أريد
آه لو كل الناس تكون في حالها 
حتى مكالمات التليفون من خالاتي او أقارب عمر تكاد كلمة هاااا تحل محل ألو
هو أنا باتدخّل في خصوصيات الناس بهذا الشكل؟  
يمكن لو لم تكن الاسئلة تحيطني في كل مكان لم يكن الاحساس عندي تضخم في هذا الشكل.. وبعدين هو الحمل بيستخبى ازاي يعني؟! ماهو أكيد لما ح يحصل كل الناس ح تعرف ولا ح أخرج وأسيب بطني في البيت ؟   

وحماتي ماشاء الله عليها لها دور كبيييييير جدا !!! تحيطني بكمية من العبارات الجارحة التي لا تتوقف وكأننا متزوجين من عشرة سنين وليس 8 أشهر؟
معقول العقل ده؟
طول ما احنا بنزورها وخصوصا في غياب عمر تحيطني بعبارات من نوعية
:
عيني عليك يا عمر بتموت في الاطفال
دي فلانة ماشاء الله حملت من يوم الدخلة
ما بتفكريش تروحي لدكتور يا سارة؟ أنا: ليه يا دكتورة ؟ 
الدكتورة: حمل ايه اللي اتأخر ؟ انتي متجوزة يادوب من كام شهر !! ليه الاستعجال ده يا بنتي؟
فردت أمي نيابة عني لما رأت احمرار وجهي: ماانتي عارفة زن الناس يا دكتورة خلّوها تقلق
الدكتورة: بصي يا سارة.. التحاليل اللي قدامي بتقول انك سليمة مية في المية ولكن القلق اللي انتي فيه ده ممكن يخلوكي فعلا تتأخري في الحمل.. إهدي واطّمني وسيبي كل حاجة بأمر الله 
فرددت بخجل: طيّب يعني يا دكتورة مفيش حاجة تعجّل الحمل شوية ؟
الدكتورة: انا مش عاوزة ألخبط الهرمونات عندك وأتعبك بجد.. وبعدين زوجك ما عملش التحاليل ليه؟ 
أنا: .........!؟
الدكتورة: رفض طبعا كالمعتاد مش كده ؟! كل الرجالة في الموضوع ده زي بعض.. الوزير زي الغفير.. قليل اوي اللي بيرضى يكشف وبعد ما تكون مراته اتبهدلت !! ربنا يهدي
سألتها: طيب يا دكتورة أعمل ايه ؟ انا خلاص ح اتجنن
الدكتورة: هو انتي لو مفلسة وطلبتي من ناس فلوس صدقة وقالوا انهم ح يدوها لك واتأخروا عليكي.. ح تروحي تخبطي على بابهم كل يوم بالحاح ؟
رديت: لأ طبعا
الدكتورة: بس انتي بتطلبي من ربنا يا سارة مش من الناس.. إلزمي بابه ولن يردك أبدا
*********
وخرجت من عند الدكتورة وأنا في قمة الارتياح.. ارتحت جدا نفسيا ان ليس بي عيب يمنع الانجاب
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. يكفيني هذا الشعور كي أهدأ.. ولن يقلقني أحد بعد الان ولو سألني أحد سأجيبه: لا تسألني أنا بل اسأل الله
لن أقلق أو اتوتر كي لا يؤثر على نفسيتي كما قالت الدكتورةومرّت الأيام التالية وأنا هادئة تماما وأدعو الله ليلا ونهارا وبتضرع وتذلل ولكن باطمئنان ويقين داخلي انه لن يردني أبدا ولن يتركني خالية الوفاض
وأبعدت أعصابي تماما عن التوتر واكثرت كثيرا من الصدقات خلاف صدقات حصالتنا الاسبوعية انا وعمر
وحماتي العزيزة واصلت بالطبع حملاتها الشرسة ضدي وأنا لا أرد ولا أعيرها اهتمام.. حتى فاض بي الكيل من أسئلتها النارية والمستفزة فرددت عليها ذات مرة بهدوء وأدب حتى أغلق هذا الباب نهائياً: واضح يا طنط ان الموضوع ده قالقك أوي وأنا عارفة ان ده من كتر حبك ليّا !! بس انا بصراحة مش باحب أتكلم مع حد في خصوصياتي.. ده حتى ماما مش بتتكلم فيه خالص.. تتصوري يا طنط ؟  
حماتي: ........!؟


الحلقة الحادية عشر من عمر وسارة




قــال عمــر
:
مر على زواجنا 6 اشهر تقريبا .. الحمد لله مرّوا على خير.. لكن لا اعرف ما هذا الاحساس الذي اشعر به.. احساس بالاعتياد والتعود والركود لا رغبة لدي كي افعل شيء جديد بمعني اخر ما اشعر به هو الملل ..الملل من كل شيء في حياتي الجديدة
هذا لا يعني اني لم اعد احب سارة بل بالعكس اشعر اني احبها اكثر من زمان بعد ما عاشرتها وعرفت رقة طبعها واستحمالها لتقلبات طباعي وصبرها على ظروفنا المادية الصعبة .. ولكن احساسي من ناحيتها تبدل.. هذا التوهج الذي كنت أشعر به في مشاعري تجاها فتر
كنت عندما أسمع صوتها في التليفون يدق قلبي وتشعر كل خلية من خلاياي بالسعادة.. ولكن الان مكالماتنا التليفونية عندما نبتعد عن بعض سريعة قصيرة لابلاغ امر هام او طلب ضروري ان اشتريه
لم اعد متلهف للقائها مثل زمان وكيف أتلهف وانا أراها طوال اليوم أمامي ؟؟
أصبح حديثنا اليومي أقل من زمان عندما كنا نتحدث طوال الليل حتى نفاجيء بخيوط الفجر تداعب وجوهنا بدون ان نشعر ؟؟ والان ملل ملل ملل
ولكني لا اتصور حياتي لحظة بدونها.. وأشعر انها صديقتي التي أعود سريعا لأقص عليها كل ما حدث في يومي فهي تمتاز بصفة لا توجد عند 95 % من بنات حواء وهي فن الاستماع بدون لوم ولا تريقة حتى لو كانت متأكدة اني مخطيء فهي تلفت نظري بهدوء بعد فترة من الحديث كي لا تشعرني بخطأي مثل الطفل الصغير وتمسك اللّيْ الخرزانة زي الاطفال !! ولا تقول الجملة الخالدة التي تقود اي رجل للجنون: ماهو لو كنت سمعت كلامي ما كانش حصل كل ده
طيب لماذا أشعر بكل هذا الملل ؟ ؟ ولماذا فتر احساسي بها كحبيبة وفتاة أحلامي ؟
أعرف اني أظلمها معي عندما تراني أقل تلهفا عليها وأرد عليها أحيانا في اقتضاب.. أرى اللوم في عينيها بدون أن تصرح بشيء ولا تلومني في شيء
ولكن أعمل ايه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
*********
قــالت ســارة
:
مش عارفة عمر متغيّر من ناحيتي ليه ؟ انا بأحاول أرضيه بكل الطرق ولا أهمل في منظري أبدا.. وكل طلباته أوامر.. طيب حصل ايه؟
هو صحيح مش بيتخانق معايا بس مش عمر بتاع زمان .. أشعر انه زهقان من كل حاجة فى الدنيا حتى مني
طيب أعمل ايه ؟ وكل يوم أسأله السؤالين الخالدين: فيه حاجة يا عمر؟.. و: زعلان منى فى حاجة يا عمر ؟.. والاجابة واحدة: لاااااااااااااااااااا

طيب أرجّعه ازاي زي الاول وأرجع أحاديثنا الطويييييييلة تاني ازاي ؟
هو ده بقي الملل الزوجي اللي بيقولوا عليه ؟ وده الخرس الزوجي اللي بيصيب الازواج وأعراضه سرحان وبحلقة في السقف .. والرد على أي سؤال باشارة مبهمة لا تعني شيء والفرجة على ماتشات الكورة حتى لو كان فريق جزر القمر هو اللي بيلعب
مرة قرأت ان تحريك بحيرة الزواج من الركود مسئولية الزوجة.. يعني جت على دي ومش حتكون مسئوليتها؟ ..ماهي كل حاجة على دماغها لوحدها
طيب تعمل ايه الزوجة؟.. تعمل أراجوز علشان ترضي زوجها ؟ بجد حرام كل حاجة عليها.. يا اما يقولوا دي منكدة عليه عيشته ومزهّقاه في الدنيا
خلاص هو حر.. بقي مش عاوز يتكلم هو حر.. بس انا مش عاجباني الحياة بالشكل ده.. وانا كمان ح يتنقل لي احساس البرود ده .. ودي عيشة بقي ؟
طيب حاحاول أفكر في طريقة
وراك وراك يا عمر ح تروح مني فين ؟ -
-
-
ايه يا سارة انتي مش رايحة الشغل النهاردة ولا ايه ؟
قالها عمر فتصنعت الاعياء وانا ارد عليه: لا تعبانة شوية واخدت النهاردة أجازة يا حبيبي
قال عمر: الف سلامة عليكي تحبي نروح لدكتور ؟
رديت: لا دكتور ايه ؟ ده الظاهر شوية برد.. ح انام شوية واخد كوباية ليمون وابقي كويسة ان شاء الله.. وانا قلت لماما تبعت لي الشغالة بتاعتها تساعدني أصلي مش قادرة اعمل حاجة خالص
قال عمر: ما تقلّقنيش عليكي يا حبيبتي.. تحبي أخد اجازة انا كمان؟
رديت بسرعة وقلت: لا يا حبيبي.. انا ح ابقي كويسة ما تتعبش نفسك مع الف سلامة .. كح كح كح

وتركني وهو قلقان عليّ بجد.. اه لو لم أكن أعلم انه يحبني أكثر من اي انسان في الكون كنت قتلت نفسي !! لكن هو الاعتياد على الشيء الذي يفقدك بهجته والسعادة به وهل معقول ان الانسان يظل يشعر بالساعة التي يرتديها كل ثانية وكل دقيقة ؟ كان سيصاب حتما بالجنون والانهيار العصبي .. انه لا يشعر بها الا عندما ينظر لها بعد فترة من تركه لها وانا سأجعل عمر يراني من جديد

في التاسعة صباحا جاءت الشغالة وكان ورانا انا وهي شغل كثير جدا.. كنت أريد تغيير نظام البيت كله حتى يشعر عمر انه في عالم جديد ولكن الموضوع ليس سهلا ولكن علشان عيون عمر كله يهون
غيرت مكان الصالون ونقلته مكان الانتريه ليكون بجوار البلكونة بجوار الهواء الطلق.. مش مهم الضيف يتهووا المهم احنا. . وغيرت مكان التليفزيون ووضعت اتنين من كراسي الانتريه متلاصقين بعد ان كانوا كل واحد في اتجاه كي نجلس عليهم انا وعمر
طبعا السفرة لم أجرؤ على تحريكها لأنها تحتاج بلدوزر بشري يحركها.. أكيد اللي بيعملوا الفرش دول من كوكب المريخ او فاكرين ان العريس هرقليز والعروسة زينة ! !! لكني غيرت الفضيّات الموجودة في النيش بأخرى لامعة واضفت لها تحف صغيرة كانت مركونة.. وأخرجت مفرش سفرة جديد لم أستخدمه من قبل وفرشته ووضعت فازة كبيرة بها ورود اكثر اشراقا
وحجرة نومنا غيّرت ترتيب كل جزء بها.. السرير مكان الدولاب والتسريحة مكان الشوفنيرة وفرشت مفرش يوم الدخلة الذي لم أستخدمه الا لأيام معدودة وعلقت صورة زفافنا الكبيرة التي رفض عمر تعليقها في الصالون.. ووعدني بتعليقها في غرفتنا وطبعا نسي او كسل
الحمد لله الشغالة موجودة تعيش حياتها هيّ وتعلقها على راحتها
وأيضا مجموعة من صورنا ايام شهر العسل وضعتها في برواز ووضعتها على الكومدينو ليراها قبل النوم .. الله الله أعطت الغرفة شكل رائع.. أكيد ح يعجب عمر
وأخيرا حجرة عمر التي يعمل بها مشاريعه الهندسية.. لم أرد ان أغير من طابعها الرجالي.. فكان يحتفظ فيها بسريره القديم ايام العزوبية ودولابه الصغير قبل ان يتزوج والان يضع به اوراقه وكتبه.. وده طبعا لأننا لم نملك وقت الجهاز ان نشتري حجرة معيشة او حجرة اطفال جديدة فكان هذا هو الحل
.....طيب اعمل فيها ايه ؟
بعد ان قمنا بتنظيفها فكرت في فكرة جديدة وهي ان أغير كل الصور العائلية التي يضعها في براويز على مكتبه بصور أعز أصدقائه الشباب وأخرجت الالبوم سريعا وأخرجت صور أفضل 5 أصدقاء له ووضعتها بشكل بارز له وطبعا سيدهش من هذاويقول مراتي اتجننت !!!.. لأن الزوجة بعد زواجها بتحاول بشتى الطرق ان تبعد زوجها عن اصدقائه القدامى كي تظل وحدها معه ولا تعرف انها بهذا بتخنقه ليهرب منها ويذهب لهم اكثر من الاول
*********
خلاص أخيييييييرا انهينا المعركة الحربية وأصبحت الشقة مختلفة تماما وازدادت جمالا .. ومشيت الشغالة وهي أكيد بتدعي عليّ وعلى جناني الرسمي
وبعد ان انهيت كل شيء في الشقة ارتديت ملابسي ونزلت بسرعة للكوافيرة اللي في نفس الشارع والتي قلّت زياراتي لها للاسف توفيرا للنفقات واصبحت اعمل شعري في البيت وخلاص!! وقبل ان أدخل لها اشتريت جريدتنا المفضلة انا وعمر -فاكرينها؟- والتي كنا نقرأها ايام الخطوبة ونتناقش في كل مقالاتها ولغبائي لم أعد أشتريها بعد الزواج.. له حق يزهق مني.. طيب ح نجيب كلام نتكلمه منين ؟ لازم أحداث جديدة نتكلم فيها علشان أجذب انتباهه لي
وطلبت من الكوافيرة ان تقص شعري قصة جديدة وهو ما كنت ارفضه دوما تمسكا مني بشعري الطويل وتسريحتى التقليدية .. فقصت لي قصة جديدة جعلت خصلات شعري متدرجة ومحيطة بوجهي فأظهرت استدراته وزادتني جمالا واقترحت عليّ تلوين بعض الخصلات به فخفت ورفضت.. ثم بعد الحاح منها وافقت وتركتها تعمل وانا اقرأ في الجريدة واذا بعمر يتصل بي على الموبيل
ياخبر.. كده المفاجأة حتبوظ لو سمع دوشة الكوافيرة
فجريت على الحمام واغلقت بابه على باحكام ورديت عليه متصنعة الاعياء وطلبت منه ان يحضر أكل معاه لأني مش قادرة اعمل حاجة خاااااااالص !!! والحمد لله لم يلاحظ شيء بل بالعكس ازداد قلقا على وندما انه سابني وانا تعبانة
ورجعت للكوافيرة وجدتها بتصرخ لأن الصبغة مازالت على شعري .. بس الحمد لله ربنا ستر ولم يطلع اللون بنفسجي! !! بل بالعكس في صورته النهائية كانت النتيجة مبهرة لم أعرف نفسي بجد في المرآة
الله يكون في عونك يا عم عمر على اللي ح تشوفه
ورجعت البيت وانا أشعر اني امرأة جديدة وبيتي هو الاخر جديد وأشعر بانتعاش جميل.. وارتديت طقم كنت أرتديه ايام الخطوبة!! وتزينت و أدرت موسيقى ناعمة في انحاء المنزل
جلستُ في انتظاره وكما توقعت جاء قبل ميعاده بنصف ساعة واول ما فتح الباب ورأي التغيير المدمر عاد خطوتين للخلف واتلخبط وكاد يرجع ويصرخ في العمارة: شقتي اتسرقت يا جدعااااااااان
ثم دخل وظل صامتا للحظات وهو يقلب نظره بين الفرش وبيني وهو لا ينطق الا كلمة واحدة: ايه ده .. ايه ده ؟
ثم اخيرا نظر الى باعجاب كبير جدا وقال: يعني مش تعبانة ولا حاجة.. طيب القمر دي مراتي ولا حد تاني يا مدام؟
أنا: ........؟
وأضاءت ملامح وجهه بالسعادة والحب وهو يهمس لي: يا مجنونة كل ده عملتيه علشاني انا؟
قلت: طبعا.. انت حبيبي ونفسي أشوفك سعيد معايا. . ان شاالله اهدّ الدنيا علشان تكون راضي عني


قال ووجهه يشرق بابتسامة: ربنا يخليكي ليّا طووووووول العمر
بجد يا بختك يا عمر


الحلقة العاشرة من عمر وسارة






قــالت ســارة
:
معقوووول مر شهرين على زواجي انا وعمر ؟
مروا بسرعة جدا.. حياة جديدة في المسئولية والمشاركة والمشاعر.. في كل شيء.. حتى اصدقائي اللي كنت بارغي معاهم بالساعات في التليفون اصبحت لا اراهم الا نادرا ولو تكلمنا في التليفون يكون حديث سريع لألحق كل الأشغال اللي ورايا
وشقتي الجديدة أصبحت مملكتي بجد وبعد ما كنت أنظف حجرتي في بيت ماما بالعافية وبعد استدعاء البوليس.. أصبحت لا أطيق ان اري منزلي غير مرتب وأتخانق مع عمر لو رمي ملابسه او كتبه كالمعتاد.. رغم ان كتبي واشيائي الخاصة زمان كانت محتاجة خريطة للوصول لها !!! لكنه هو الحب الذي يجمعك بمكان تشعرين انه ملكك وحدك تكونين فيه على راحتك وتفعلين ما تشاءين
حتى ان منزل والدي اضطررت ان ابيت فيه ليلة عندما مرضت أمي.. بجد لم أستطع النوم مش عارفة ازاي مش هو نفسه السرير اللي نمت عليه اكثر من عشرين سنة ؟ احساس لا يعلم تفسيره الا الله الذي يريد لنا ان نعمر بيوتا وبيوتا حتى نعمر الارض جميعا
وانا وعمر ومتفاهمين جدا لكن لا يخلو الأمر من غلاسة وتحكم في أشياء تافهة كي يثبت لنفسه انه سي السيد ولاأعلق عليها وأجعلها تمر كي لا تصبح كارثة.. شيء واحد هو ما يحيرني ويضايقني فعلا باستثناء حماتي طبعا !!.. وهو مصاريف البيت لا أعرف ماذا يمكن ان يفعل شابين يعملان عمل شاق يوميا كي يوفرا مصاريف الايجار والاكل والدواء والخروج والمجاملات الخ الخ الخ ... ؟
طبعا يحتاجان معجزة من السماء كي تحل لهم لغز الاسعار.. وأصبحت بعد ان كنت أصرف مرتبي على العطور والكريمات والمجلات.. أصبحت أبحث 10 ساعات قبل ان اشتري زيت الطعام كي أعرف اي نوع أوفر؟.. وأصبحت أفاصل مع اي بائع رغم اني كنت باقول لماما دايما ان ده تصرف بيئة !!! وأصبحت أحمل هم اي مناسبة غير معمول حسابها مثل فرح او خلافه نضطر اسفين ان نجامل اصحاب المناسبة فيه لأن ده معناه ان بقية الشهر ح نقضيه تونة وجبنة
ولكن ليس هذا ما يضايقني فقط ولكن تصرف عمر الغريب تجاه مصروف البيت هو ما يضايقني جدا.. وهو انه لا يخصص مبلغ معين لمصروف البيت وانا اساعده فيه ونصرف منه سويا.. لا.. هو يدفع الايجار وبعض الاشياء الاخري وانا عندما أقبض مرتبي أسارع لأنفقه كله تقريبا على خزين المنزل من سكر وزيت وخضار ولحوم وخلافه وهو متقبل ده عادي وبدون مشاكل.. حتى اني طلبت منه مرة مبلغ كي أشتري شيء للمنزل فرد على ببساطة: ما انتي معاكي فلوس يا سارة !! هي خلصت ؟
طبعا اتضايقت جدا من رد فعله ده.. هل المفروض ان أنهي مرتبي كاملا ثم بعد هذا هو يساعد !!! الغريب في الأمر انه غير بخيل ابدا بل بالعكس لا ينفق على نفسه تقريبا الا الضروري جدا ولكن ما يضايقني انه معتبر مساعدتي في المنزل امر مفروغ منه وفرض عليّ.. وتحملت هذا الامر رغم ضيقي منه انا احب ان أصرف على منزلي ولكن بارادتي وليس فرضا على حتى جاء يوما رجعت من العمل وانتظرته بعد الغداء وقلت له: شفت يا عمر النهاردة بعد الشغل نزلت انا وواحدة صاحبتي المحلات اللي جنب شغلي كانت عاوزة تشتري شوية حاجات
قال: طيب يا حبيبتي وايه المشكلة ؟
أنا: لا أبدا لقيت شنطة تحفة نازلة في التخفيض من 70 جنية الى 50 بس واشتريتها على طول.. تتصور دي جلد طبيعي
فرد بعصبية: اشتريتيها ؟ وما قلتيش لي ليه قبل ما تشتريها ؟
فاستغربت من رد فعله وقلت: عادي يعني يا عمر يعني ح اطلبك أقول لك على حاجة هايفة كده ؟
قال: خمسين جنية حاجة هايفة ؟
أنا: يعني انت زعلان من المبلغ ولا من اني ما قلتش لك ؟
عمـر: الاتنين .. كان لازم تستأذني مني الاول
فرددت عليه وقد بدأ صوتي يعلو: عمر انت بتقول ايه؟.. دي فلوسي..انا ما خدتش منك حاجة علشان الزعل ده كله
فصرخ بغضب: فلوسك يعني ايه فلوسك ؟ يعني أخرس انا ولا ايه ؟
أنا: انا ماقلتش كده.. بس ازاي يعني استأذن قبل ما اصرف اي حاجة؟
عمـر: انا ياستي معقد نفسيا خلاص؟ مش باحب ان مراتي تمسك فلوس وتزعق في وتقول فلوسي ومالكش دعوة والكلام ده
أنا: ياسلام.. واشمعني الكلام ده مش بيتقال لما باجيب حاجة للبيت.. ليه مش بتقولي استأذني؟ ولا علشان دي حاجة لي انا ؟
عمـر: دي ضروريات للبيت مش ممكن نستغنى عنها.. انما الشنطة بتاعتك دلع
أنا: والله ادلع نفسي مش مشكلة.. وبعدين الضروريات دي مسئوليتك انت وانا ان كنت باساعد في البيت ده مش فرض عليّ
قال بعصبيـة: والله انا قلت من ايام الخطوبة تسيبي الشغل علشان وجع الدماغ ده وانتي ما سمعتيش الكلام.. واللي كنت خايف منه حصل.. بقيتي بتعلى صوتك عليّ وتقولي فلوسي انا
أنا: هو انت يا تحبسني في البيت يا تتحكم في كل مليم؟ ده انت فعلا معقد على كده
انتفض من مكانه والغضب يتطاير من عينيه وأمسك ذراعي بعنف وصرخ في: انا معقد؟!!!...طيب انا ح اوريكي العقد اللي بجد من بكرة مفيش شغل ولما أشوف كلامي ح يمشي ولا لأ ؟
ارتعبت من نبرته المخيفة وضغطه الرهيب على ذراعي والقسوة التي يتحدث بها فارتجفت وانهمرت دموعي بلا توقف
فلانت نبرته قليلا وزفر بقوة وقال: طيب بتعيطي ليه دلوقتي مانتي كمان زعقتي وجننتيني
أنا: .................؟؟
عمـر: كده ياسارة توصلي حاجة هايفة لحد كده ؟ خلاص بقي حقك على ما تزعليش
فرددت من بين دموعي: لا مش حاجة هايفة.. ده ربنا قال ذمة مالية منفصلة للمرأة تيجي انت وتقولي استأذن ؟
عمـر: والله انا عارف ده بس مش قادر أطبقه.. ماأقدرش استحمل ان مراتي تقولي دي فلوسي وانت مالكش لازمة.. طيب اعمل ايه ؟
أنا: مااعرفش والله تعمل ايه ؟
عمـر: طيب انتي شايفة اني بخيل ولاّ باصرف على نفسي حاجة؟ ولا انتي بتطلبي مني حاجة ومش باجيبها ؟
فرددت وانا امسح دموعي: لأ .. امّال ايه الفيلم ده طيب ؟
قال: انا يا ستي ما بحبش الست اللي بتعمل كده.. وبعدين انا مش عاوزك تدفعي حاجة في البيت تاني علشان مش كل شوية تقولي باساعدك باساعدك
قلت: بقي انا باعمل كده الله يسامحك.. وبعدين هو انتي يعني أحسن من الرسول عليه الصلاة والسلام اللي كان بيتاجر للسيدة خديجة في مالها وهي زوجته ولا يخجل من ان يعلن ان ده مال زوجته وفين ؟ في قريش عز التعصب والجهل؟
عمـر: ياستي انا مااقدرش اوصل للمنزلة دي.. ولو الموضوع ده ح يجيب مشاكل ح اقعدك من الشغل فعلا
أنا: من فضلك يا عمر ما تكبرش الموضوع كده..انا فعلا زعلانة منك جدا ومستغربة تفكيرك جدا
عمـر: حقك على اني انفعلت عليكي انتي عارفة قد ايه بحبك.. لكن مش ح اقبل ابدا اني اكون على الرف او حاجة تحصل في بيتي من غير موافقتي حتى ولو حاجة هايفة ؟
أنا: ................؟؟
***********
مرّت أيام وانا وعمر متخاصمين.. يعني بنتكلم في الضروريات بس.. لكن من جوايا انا زعلانة منه جدا.. من عصبيته وموقفه الغريب وتفكير الأغرب.. المشكلة اني متأكدة انه مش بخيل ولا طمعان فيّ.. بس مش قادرة أفسر تفكيره لحد دلوقتي.. تحكم والسلام؟.. ولاّ خوف من الفلوس انها تقويني فأبعد عنه ؟!! وكأن اللي رابط أي زوجة بزوجها هي انه بيصرف عليها فقط .. ولو هيّ معاها فلوس حتقدر تعيش من غيره وتسيبه بسهولة !! بجد حاجة تجنن !! طيب وستات البيوت بيتطلّقوا ليه لما هي الحكاية كده.. مش معقول التفكير المقلوب ده ؟
عمر حاول يصالحني لكني لم أستطع ابدا.. لأني حاسة ان الصورة اللي كانت في خيالى اتهزت لأن موضوع الفلوس بين الزوجين ده حساس جدا ودايما الزوجة بتكون راسمة لزوجها وحبيبها صورة الفارس النبيل الذي لا يتكلم قط في المال لأن ده شيء بينقص من قدره كرجل ودائما تدور في عقلي عبارة الافلام الشهيرة : انا برضه أمد ايدي لفلوس واحدة ست ؟؟؟.. فأصبح الأمر مقترن بالرجولة في نظري
ولكن ظروف المعيشة البشعة الان غيرت من شكل الصورة وجعلت الرجل مضطرا لعمل زوجته ومساعدتها له والزوجة ايضا تقبلت هذا و تسعد عندما تفعله.. ولكن للأسف لم يتخل الرجل عن الصورة القديمة في خياله بأنه صاحب المال والآمر الناهي الأوحد..فأصبح يعذب زوجته بحملين حمل المشاركة وحمل التحكم
***********
قــال عمــر
:
سارة وحشة أوي وهي زعلانة.. صحيح هي لم تقصر في أي حق من حقوقي في البيت وأجد طعامي وملابسي وكل شيء مرتب وترد عليّ عندما أسألها عن أي شيء.. ولكن روحها المرحة الدافئة والحيوية التي تنطق من عينيها والتي تجعلني أذوب فيها اختفت !! وحل محلها لوح زجاج بارد لا يعبر عن أي شيء
حاولت مصالحتها بلا جدوي.. ياربي أعمل ايه ؟ بس أنا كمان مش قادر أنفذ اللي هي عاوزاه !! يعني ايه أكون قاعد في البيت ألاقيها داخلة وشارية غسالة مثلا وتقولي وانت مالك دي فلوسي أقعد كمل الشاي اللي بتشربه وخليك في حالك
معقول أستحمل كده؟ ولو كنت فوّت حكاية الشنطة كان حيبقي ده العادي.. انا مش طمعان في فلوسها ابدا لكني مضطر لمساعدتها في البيت علشان ما نزورش السيدة انا وهي كل يوم جمعة
بس أعمل ايه.. تحت هدومي الكاجوال لسه فيه صديري جدي الصعيدي.. مش قادر اتقبل الموضوع خالص..وهيّ كمان معذورة وشكلي وحش قدامها.. برضه انا انفعلت بصورة غبية !! ومش قادر أعيش من غير دفء عينيها وحنيتها.. طيب ما هي مش عاوزة تصالحني ..أعمل ايه؟؟..شغّل التفانين يا واد يا عمر دي سارة حبيبتك
***********
قـالت ســارة
:
ذهبت الى عملي كالمعتاد وانا ماليش نفس لأي حاجة في الدنيا وطبعا كان باين على وشي جدا فكل واحدة ظريفة تيجي تسألني بحشرية: ايه ابتدينا نكد الجواز ولا ايه ؟؟؟ قلنا كده قالوا اطلعوا من البلد
انا مش عارفة كل واحد ما بيحطش لسانه جوة بقه ليه؟.. ياسااااتر
خلاص الساعة 2 كلها ساعة واروّح..موبايلي بيرن.. ايه ده ؟ ده عمر.. خير ؟
أنا: الو ايوة يا عمر ؟
فرد بصوت أقلقني: ايوة يا سارة ازيك يا حبيبتي انتي كويسة ؟
قلت: الحمد لله فيه ايه ياعمر ؟
عمـر: مفيش حاجة بس ح اعدي عليكي بعد ساعة استأذنت من شغلي بدري وح اجيلك استنيني
أنا: ايه فيه ايه؟.. انت رعبتني كده ؟
فرد بغموض: لما اجي ح تعرفي !! مع السلامة

يارب سترك يارب دي اول مرة يعملها.. أكيد بابا تعب وهو مش عاوز يقول لي.. ولا ماما ؟!! لا بجد حرام كده.. حاولت الاتصال به الف مرة بلا جدوى.. لا يرد مما أكد شكي بأن مصيبة قد حصلت.. يارب استر يارب
وأخييييييييييييييييييييييرا جاء بعد ما أصبحت على وشك الانهيار.. ولكني وجدته في قمة الشياكة مرتديا القميص المفضل عندي وكمان البرفان اللي باموت فيه!! ايه ده ؟ طبعا لو كانت والدته هي اللي تعبانة كان جه بالبيجاما !!! لا وكمان رايق وعمّال يسلم على زمايلي ويوصيهم عليّ !! لا بجد.. لو ما قالش فيه ايه ح اخبطه بحاجة في دماغه حالا
وأخيرا سلم عليّ بحرارة وهمس في أذني: وحشتيني.. وأخذني وانصرفنا وزميلاتي لسان حالهن يقول: جتنا نيلة في حظنا الهباب
وفي السيارة كان ح يغمي على من شدة القلق وسألته: أبوس ايدك قولي فيه ايه انا خلاص ح اموت.. ماما ولا بابا اللي تعبانين ؟
فرد بلهجة المحقق كونان: اطمني هم بخير انا واخدك لمشوار مهم جدا وما تسأليش على أي حاجة دلوقتي لحد ما نوصل
فخف قلقي قليلا وان لم يختفي تماما .. ولكني راقبت ملامح الغموض المرسومة على وجهه وهي ممزوجة بوسامته الظاهرة اليوم.. فلاحظ اني أراقبه فسألني: ايه وحشتك ؟.. فلم أرد ومديت البوذ المتين.. وأغمضت عيني ولكني رأيت صورته مازالت مرسومة بداخلها
ياه الظاهر اني نمت شوية.. ايه ده.. انا فين ؟ في الجنة ؟ وأفقت لأجد القاهرة كلها تحت مستوى قدمي في منظر خلاب وجو رائع ونسيم يداعب المشاعر.. وعمر ينظر لي بحنان ويقول لي: صح النوم.. يالاّ انزلي بسرعة
سألته: ايه ده احنا فين ؟
رد قائلاً: في المقطم يا حبيبتي مش كان نفسك تشوفيه من زمان ؟
قلت: هو ده المشوار المهم ؟ ؟ ح نعمل ايه هنا ؟
قـال: هشششششششش كفاية أسئلة وتعالي
ومشيت وراءه وانا أبعد يده التي تحاول الامساك بيدي والبوز مازال موجودا
ودخلنا الى كافيتريا لم أري في جمالها من قبل.. كل حوائطها مستبدلة بزجاج دائري كي تري القاهرة من كل أركانها وكل الأضواء استبدلت بشموع تعطي الجو رومانسية وسحر غامض.. واخذني الى طاولة بعيدة وجلسنا وانا لا استطيع النطق بعد ما رأيته.. ونظر الى عيني مباشرة وقال لي ثانية: وحشتيني
أنا: ..............؟
عمـر: بحبك
أنا: ........؟
عمـر: مش عاوزة تردي عليّ ؟ طيب انا اسف
أنا: خلاص يا عمر انا مش زعلانة انا نسيت الموضوع خلاص
قـال: واضح جدا بدليل البرود اللي بتعامليني بيه.. ياريتك خاصمتيني لكن انتي استعملتي اسلوب ذكي جدا ما قصرتيش في اي حاجة ولما اكلمك بتردي عادي لكن انتي في دنيا وانا في دنيا تانية.. ودي حاجة ممكن تموتني .. فين سارة حبيبتي ؟
قلت: ايوة حبيبتك اوي.. بدليل انك مش عاوزني أشتري لنفسي حاجة ولازم أرفع صباعي وأستأذن قبل ما أشتري حاجة
قـال: يا حبيبتي انا نفسي أجيب لك كنوز الدنيا وأحطهم تحت رجليكي.. بس انتي عارفة الظروف.. وانا مش عاوز اتحكم فيكي ولا حاجة.. دي حاجة نفسية جوايا بتخليني عاوز أعرف كل حاجة بتعمليها وتحسسيني انك مش بتعملي حاجة الا لما أعرفها الاول
قلت: بس دي حاجة تخنق
قال: بصي يا سارة انا بخيل ؟
رديت: لا
قـال: عيني زايغة ؟
رديت: لا
قـال: بأعامل أهلك وحش ؟
رديت: لا
قـال: باعاملك انتي وحش قدام الناس او حتى بيننا ؟
رديت برضه: لا
قـال: مش عارف ربنا كويس ؟
قلت: الحمد لله
قـال: طيب يا ستي اعتبري موضوع الفلوس ده عيب فيّ.. وخديني على قد عقلي فيه وريحيني.. وانا اوعدك اني عمري ما ح احرمك من حاجة ابدا بس عرّفيني الاول.. اتفقنا ؟
انكسفت جدا من اني أريده كاملا بلا عيوب من تكبيري الموضوع بالشكل ده
ورددت عليه: اتفقنا ياحبيبي
قال وابتسامة فرحة تملأ وجهه: الله أكبر أول مرة تنطقيها من أسبوع.. أيوة كده خلي الشمس تطلع يا شيخة
قلت: خلاص بقى.. فرجت علينا الناس
قال: طيب غمضي عينكي انا جيب لك هدية بس ما تتعوديش على كده أحسن ح نشحت بالشكل ده !! اتفضلي يا ستي
فتحت العلبة التي قدمها.. وهتفت: الله ايه الصندل الجميل ده ؟
قال: ده يا ستي علشان يليق على الشنطة اللي اشتريتيها.. بس زي ما اتفقنا ح تعرفيني الاول على اي حاجة خلاص يا حبيبتي ؟
رددت بكسوف: خلاص يا شهريار
فرد بلهفة: شهريار؟!!! الله أكبر
ثم نظر لي وقال: سارة انتي لازمك الغدا هنا أوي؟.. ولاّ ممكن نروّح دلوقتي ؟
!!!


الحلقة التاسعة من عمر وسارة








قــالت ســارة
:
أخذت أجري في الشقة كالهاربة من حكم قضائي وانا أحاول جاهدة ان أنهي تنظيف الشقة وتجهيز الغداء وتغيير ملا بسي ومفروض كمان اتزين وأقابله بابتسامة كبيرة
طيب بجد ازاي وامتى؟
ازاي تجتمع رواقة شهرزاد مع واحدة بتشتغل 8 ساعات ويتحرق دمها بمعدل كل ربع ساعة وبترجع بيتها محشورة في المواصلات زي قفص الطماطم؟ طيب هو كمان ذنبه ايه يرجع يلاقيني مكشرة وتعبانة ومتوترة ؟ ماهي أكيد ح تقلب بخناقة.. طيب اعمل ايه ياربي ؟
خلاص يبقي الاهم فالمهم.. انا أهم حاجة أعملها دلوقتي اني أغيّر هدومي العجيبة دي والبس طقم جميل بسرعة وأضع ماكياج خفيف واي حاجة تانية تتأجّل
كانت دايما والدتي تقولي ان الرجل لا يحب ان يضيع الاوقات الجميلة !!! يعني لو دخل البيت ولاقاكي عاملة وليمة طعام رهيبة موت.. بس شعرك مضروب في الخلاّط وريحتك بصل وهدومك مبقّعة ومش طايقة حد يكلمك غالبا حيتصل بالبوليس او يطفش من سكات !!! لكن لو جه ولاقاكي زي القمر ومشتاقة ليه والاكل يا حبيبي النهاردة فول وبيض حيبقي على قلبه زي العسل
خلاص ح أجرب واشوف
وبالفعل هدّيت نفسي تماما ووضعت الاكل في الفرن كي يسخن وعملت الارز سريعا وشربت كوب شاي بمنتهي الرواقة ولااااااا كأن في حااااجة خااااالص ثم دخلت الحمام وأخذت شاور سريع وارتديت طقم رائع ووضعت ماكياج وتعطرت وبدأت في ترتيب المنزل
و بعد 5 دقائق جاء عمر وكنت لا ازال أزيل اثار الفطار المتين !!! ولم افعل شيء اخر
***********
دخل عمر فجريت عليه واحتضنته وقلت له: وحشتني يا حبيبي
فرد عليّ وقد سرّ من استقبالى الدافيء: وانتي كمان يا حبيبتي.. ايه الجمال ده معقول انتي راجعة من الشغل من شوية؟.. اوعى تكون زوغت يا جميل
أنا: لا ما زوغتش بس انا زعلانة منك ما تكلمنيش لو سمحت
عمر: ليه بس عملت ايه ؟
رديت عليه بدلال: كده تبعت لي رسالة واحدة وما تكلمنيش غير مرتين بس؟؟ لا يا سيدي انا ما ينفعنيش القسوة دي
فرد بسعادة من كلامي ولهفتي عليه: والله لو عليّ ما كنت نزلت من البيت وسيبتك.. ده انتي وحشتيني جدا.. ايه ده.. هو لسه الفطار مكانه.. معقول ؟
برطمت في سري: و هوّ يعني انا اللي فطرت وسبته؟!!.. يعني الفليبينية اللي هيّ انا ح تقطع نفسها ؟ وكدت أرد بعصبية ولكني وجدت انها ح تقلب بغم فرددت بدلال: ما حبيبي هو اللي فطر وسابه والله انا كنت لسه ح أشيله ليك بس علشان ما اتعبكش خاااااااااالص
عمر: هو صحيح انا متعود اني ما أعملش حاجة في البيت خالص قبل الجواز بس علشان خاطرك ح أشيله المرة دي بس ما تتعوديش على كده
رديت عليه بدلال اكبر: وفيها ايه لما أتعود ؟ هو حرام لما حبيبي يدلعني ويريحني ؟ ده انت كده تثبت لي انك بتحبني بجد ومش عاوز حبيبتك تتعب
رد بنفاذ صبر: يا ستي هو الحب عندك اني أكنس وأغسل الحلل ؟
أنا: وانت الحب عندك انك ترتاح وترمي كل الحمل على أكتافي انا؟.. يعني ازاي أكون باحب انسان وألاقيه تعبان جدا وماأحاولش اني أساعده بأبسط مساعدة؟
عمر: يا حبيبتي انا بارجع تعبان وعاوز ارتاح ومش معقول أشتغل جوة البيت كمان
أنا: يا حبيبي يعني انت بتشتغل أكثر من الرسول عليه الصلاة والسلام اللي كان قائد أمة بحالها ؟
عمر: عليه الصلاة والسلام لا طبعا وانا اجي جنبه ايه ؟
أنا: طيب يا سيدي الرسول عليه الصلاة والسلام كان بيعمل عمل أهل البيت طول ماهو موجود معاهم يعني بيساعدهم.. شوفت بقي يا سي السيد ؟
وأحب ان ينهي الحوار عندما وجد نفسه سينهزم وقال بنفاذ صبر: طيب طيب يا سارة سيبيني أغيّر هدومي علشان آكل وأنام شوية
وأحسست ان الموضوع ح يقلب بحرب وانا لسه في بداية حدوتة جوزك على ما تعوديه!!.. فابتسمت وقلت له برقة: طيب يا حبيبي قدامك 3 دقايق تغير فيهم هدومك علشان أكتر من كده حتوحشني ويمكن أبلغ البوليس ولا حاجة
فابتسم لي بغرور ولم يرد
يا عيني على عقل الرجالة
***********
حضّرت الأكل سريعا وانا أدعي في سري ان يعجبه وان كنت أشك في ده.. بس ربنا يستر
والحمد لله الهامبورجر موجود برضه علشان الجيران ما يسمعوش صوتنا ويقولوا العروسة الجديدة بتنضرب علقة سخنة

وجلسنا سويا حول الاكل وحاولت حماية نفسي سريعا من العلقة المتوقعة فقلت له: دي أول أكلة يا حبيبي أعملها لك بايدي وانا عارفة اني لسه باتعلم الطبيخ بس كفاية اني عملتها لأحلى راجل في الدنيا علشان تبقي تجنن مش كده ؟
رد عليّ وقال: ربنا يخليكي لي يا حبيبتي انا مش قد الدلع ده كله.. ثم تذوق صينية البطاطس وكله أمل في الحياة وفي ثواني ظهرت على وجهه ملامح واحد يبحث عن رقم بوليس النجدة
ورديت بمنتهى الاستهبال: ايه يا حبيبي رأيك ايه؟
فرد باحراج من مقدمة الدلع الجامدة: تسلم ايدك يا حبيبتي !!! بس هي مختلفة شوية عن اللي انا متعوّد عليها
فرديت ببراءة الاطفال: ميرسي يا حبيبي بالهنا والشفا
***********
قــال عمــر
:
ياسلام يا واد يا عمر.. اول مرة أشوف البطاطس ليها طعم السبانخ المخلوطة بالذرة !!.. والرز شبه كورة القدم خماسية الاضلاع
أكلتين كمان من دول وييجي لي كساح
بس معقول أزعلها وهي عمالة تدلّع فيّ كده؟؟؟؟
ياااااالا ما احنا ياما أكلنا أكل حلو.. إدّيها هامبورجر واعمل نفسك من طنطا
***********
قــالت ســارة
:
الحمد لله عدّت على خير.. طيب لما أشوف ح يشيل معايا الاطباق ولا ح يستندل كالمعتاد فقلت: عمر ممكن تشيل معايا الاطباق لو سمحت؟
عمر: يوووه يا سارة كفاية طلبات أرجوكي
فرديت بمسكنة: طيب اسفة.. اني ضايقتك !! ومشيت بانكسار مفتعل وانا أحمل الاطباق فماهي الا لحظة واحدة وقام طبعا وقال لي: خليكي انتي يا حبيبتي انا حاشيلهم.. وانتي ارتاحي
ضحكت في سري من طيبته وأكملت خطتي بعد ما فرغ من الاطباق وقلت بدلال كبير: طيب يا حبييي ادخل انت نام شوية وانا ح أغسل الاطباق هو انا كنت عاوزة اتكلم معاك شوية قبل ما تنام بس مش مهم انا ح أغسل الاطباق لوووووووحدي وانت ادخل ارتاح.. بس تعرف انت واحشني وكنت عاوزة اتكلم معاك واحكي لك على اللي حصل كله النهاردة.. بس يوم تاني بقي
عمر: لا يا سارة يا حبيبتي سيبي الاطباق مش مهم وتعالى نقعد مع بعض شوية
أنا: أسيبها ؟ لا يمكن ابدا ابدا ابدا
عمر: طيب يا حبيبتي انا ح أساعدك وأغسلهم معاكي.. ما تهونيش على
أنا: انت أحلى زوج في الدنيا دي كلها.. وبجد وحشتني
***********
قــال عمــر
:
أخيرا جه يوم الجمعة.. يوم الاجازة
مفيش صحيان بدري ولا جري على الشغل
ياحبيبتي يا سارة نايمة زي الملاك.. تعبتْ جدا الاسبو ع ده.. بس اكيد ح تتعوّد وحيبقي الموضوع أسهل عليها وانا كمان بقيت أساعدها شوية بس علشان بحبها
فرصة والدنيا لسه هادية أقوم اقعد لوحدي شوية واقرأ الجرايد على رواقة واشرب كوباية شاي موزونة ومش ضروري فطار النهاردة
الله الشقة شكلها جميل اوي
الصبح.. الشمس داخلة من الشبابيك والستائر الحرير معطيه نعومة ورقة للبيت.. كل البيت ده بتاعي انا ؟! ده انا طول عمري لي اوضة واحدة في بيت والدي وكنت باعتبرها مملكتي الخاصة وناقص اكتب عليها ممنوع الاقتراب او التصوير!!.. فجأة الاقي لي شقة كاملة جميلة زي دي وانا راجل البيت ؟؟! احساس رائع باكتمال الرجولة يارب يديمه علينا
وجلستُ أقرا الجرائد في روقان وهدوء حتى مر الوقت وباقي ساعة على صلاة الجمعة.. فرصة أقرأ سورة الكهف قبل ان انشغل في اي حاجة تانية
***********
قــالت ســارة
:
اول مرة اصحى براحتي من اسبوووووع كامل مش مفزوعة من صوت المنبة الجبار.. صحيح الستات مفروض يقعدوا في البيت بس علشان يناموا براحتهم
ايه ده عمر فين ؟ الراجل طفش ولا ايه ؟ باضحك جدا لما اشوف في التليفزيون واحدة صاحية من النوم وقبل ما تفتح عينيها تتحسس مكان نوم جوزها كأنها بتدوّر على فردة شراب مثلا ! طيب ما تفتح عينيها أسهل وح تكتشف ان المذكور فلسع من بدري
تلاقيه طلع نام في الصالة ولاّ بيتكلم في التليفون.. لا مفيش وقت دي صلاة الجمعة قربت.. واقتربت لأشاهد منظر جميل طالما حلمت به قبل زواجي.. وجدت عمر يجلس تحت شباك الصالة وممسكا بالمصحف ويقرأ في خشوع بصوت رخيم وتجويد سليم حتى انه لم يشعر بوجودي
اقتربت لأجلس بجواره استمع اليه.. ولكني وجدت نفسي لا شعوريا أجلس تحت أقدامه.. فليس الرجل الغني او الوسيم هو من تعشقه المرأة.. ولكنه الرجل الذي يخشى الله
جلست على الأرض أستمع لسورة الكهف وكأني أسمعها لأول مرة.. سعدتُ من صوته الرخيم وخشوعه وأحاط بنا هدوء واطمئنان وكأن الملائكة يباركون اجتماعنا.. وانا اختلس النظر لوجهه وهو يقرأ لأستمتع بملامحه الخاشعة وأشكر الله على نعمته التي انعمها عليّ.. حتى انتهى من القراءة وجذبني من يدي لأجلس بجواره وسألني: ليه يا حبيبتي قعدتي على الأرض؟.. ده انتي تقعدي جوّه عيني
أنا: لا يا حبيبي حسيت انك كبير اوي وانت في حالة الخشوع دي ما قدرتش أقعد جنبك
عمر: ياااه انتي مكبرة الموضوع ربنا بس يتقبل.. وانتي متعودة على قراءة سورة الكهف كل جمعة؟
أنا: بصراحة ساعات ساعات مش دايما
عمر: لا يا حبيبتي ان شاء الله نقراها دايما سوا.. وبعدين خليكي شطورة واسمعي كلام عمو عمر علشان اديكي الهدية اللي جبتهالك امبارح
نطّيت بسرعة: ايه ده هدية ؟ كده وساكت من امبارح يا غلس؟
عمر: أصلهم مش هدية واحدة دول اتنين
أنا: كمان ؟ كفاية غلاسة بقى.. يالا مش قادرة استنى
رد بمكر ذو مغزى : طيب تدفعي كام ؟
فهمت مقصده وقلت له: مش عاوزة منك حاجة
ضحك وقال: طيب خلاص خلاص انا باضحك معاكي شوفي يا ستي دول أهم هديتين حتاخديهم في حياتك.. اول واحدة اتفضلي ياستّي.. تاتاتاتاتاتاتاتاتا
وفتحت لفة الهدية البرّاقة ثم صرخت بخيبة امل: يااااااااااااااسلام.. حصالة !!!!!!!!!!! لا والله وجاي على نفسك كده ليه؟ ودي أحط فيها مصروف البيت ولا أحوش لبنتك اللي في خامسة ابتدائي؟
عمر: ياساتر يارب.. استني شوية.. ايه ده مدفع رشاش؟ استني لما افهمك حتعملي بيها ايه ؟
انا: اتفضل يا عم الموفِّر
تجاوز عن التريقة ورد بصبر: دي يا ستي انا وانتي ح نحوش فيها كل يوم اي مبلغ ان شا الله جنيه واحد.. اي فلوس والسلام ونيجي اخر الاسبوع يوم الجمعة نفتح الحصالة ونتصدق بالمبلغ ده.. وبكده نكون كل يوم بنطلع صدقة حتى لو كانت بسيطة.. وممنوع انه يعدي يوم من غير اي صدقة حتى لو مش حناكل اليوم ده.. وبكد حنلاقي بركة في دخلنا غير عادية.. فهمتي يا حبيبتي ؟
رديت بانبهار وسعادة بالغة: ياخبر ايه الفكرة الروعة دي؟ جبتها منين دي؟
عمر: يعني موافقة ؟.. طيب نيجي للهدية التانية.. شوفي يا حبيبة قلبي.. ده مصحف مجزء لـ30 جزء.. حتيجي على الدرجين بتوع البوفيه وترمي كل الكوارث اللي فيهم وتفضّيهم خالص وتحطي أجزاء المصحف في الدرج اليمين.. وكل يوم انا وانتي كل واحد منا ياخد جزء محدد ويقراه.. ولما يخلصه سواء في يوم او كذا يوم يحطه في الدرج الشمال وياخد جزء جديد وهكذا لحد ما الدرج الشمال يتملي خالص نعرف ان انا وانتي ختمنا المصحف مرة.. وبعد كده نرجعه تاني للدرج اليمين وهكذا على طول.. ايه رأيك ؟
أنا: بجد مش عارفة أرد وأقول ايه غير اني أشكر ربنا انه أهداني بيك
عمر: بصي يا سارة الحب مش بيستمر بين الزوجين بالكلام الحلو ولا بالفلوس ولا حتى بالأولاد.. لكن بيستمر بطاعة ربنا وبركته لهم.. واحنا عاوزين بيتنا ده بيت طائع لله علشان ربنا يبارك لنا في حياتنا واولادنا اللي جايين ان شاء الله
أنا: ربنا يكرمك ويخليك لي يارب وتفضل كده على طول
عمر: ياااااااااااه ده انا كده ح اتأخر على الصلاة.. يالاّ بقى مع السلامة.. على فكرة ح اخرج مع اصحابي شوية بعد الصلاة وح ارجع على الغداء
أنا: طيب ما تنساش تدعيلي .......مع السلامة
***********
خرج حبيبي وانا اودعه وأشكر الله على ان أهداني هذا الزوج.. ثم توضئت وصليت الظهر وجلست أقرأ سورة الكهف ووعدت نفسي الاّ أقطعها ابدا في اي يوم جمعة
ثم اخرجت محتويات درجين البوفيه ورصيت بالدرج الايمن كل الاجزاء وبدأت بأول جزء وسجّلت تاريخ هذه الختمة في ورقة صغيرة كي نعلم متى سننتهي منها.. ثم جلست أقرأ القران لفترة طويلة
.......
ثم قمت لتحضير الغداء والذي كان لحسن الحظ معونة انسانية من ماما بعد ما حكيت لها مأساتي مع الاكل وان ممكن اتطلّق وانا في شهر العسل من الكوارث اللي باعملها.. فالظاهر خافت اني ارجعلهم وهمّ ما صدقوا يخلصوا مني !!!! فطبخت لي كام صنف تحفة.. ربنا يخليكي لي يامشرفاني
***********
أريد ان يكون هذا اليوم جميلا لأكافيء عمر على هداياه الرائعة.. اعددت الغداء وجمّلت السفرة بورود ورششت معطر جو هاديء وبدلت ملابسي لأرتدي عباءة ناعمة وتركت شعري منسدلا على كتفي وتعطرت وطلبت عمر فأخبرني انه مع أصحابه.. طيب وبعدين ؟
رنيت عليه ثانية فلم يرد.. ارسلت له رسالة: تعالى بقى يا عمر.. انت اتأخرت اوي..برضه لم يرد
أرسلت رسالة ثانية: يا سيدي كفاية تقل.. بجد وحشتنا
لم يرد
فأرسلت له الضربة القاضية: خلاص يا حبيبي.. خليك براحتك بس شهرزاد كان نفسها تشوفك اوي.. خلاص بقى تدخل تنام أحسن
وطبعا كما توقعت جاء بعد دقائق معدودة....... وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح